التفاسير

< >
عرض

فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
١٣
-الفجر

روح البيان في تفسير القرآن

{ فصب عليهم ربك } صب الماء اراقته من اعلى اى انزل انزالا شديدا على كل طائفة من اولئك الطوآئف عقيب ما فعلت من الطغيان والفساد { سوط عذاب } السوط الجلد المضفور اى المنسوج المفتول الذى يضرب به اى عذابا شديدا لا تدرك غايته وهو عبارة عما حل بكل منهم من فنون العذاب التى شرحت فى سائر السور الكريمة وهى الريح لعاد والصيحة لثمود والغرق للقبط وتسميته سوطا للاشارة الى ان ذلك بالنسبة الى ما اعد لهم فى الآخرة بمنزلة السوط عند السيف قال ابو حيان استعير السوط للعذاب لانه يقتضى من التكرار والترداد مالا يقتضيه السيف ولا غيره (وقال الكاشفى) دون عرب ضرب تازيانه راسخت ترين عذابها مى دانستند. يعنى ان السوط عندهم غاية العذاب. هركونه از عذاب را نيز سوط ميكفتند حق سبحانه بقانون كلام ايشان عذابهاى خودرا سوط كفت قال الشاعر

الم تر ان الله اظهر دينه وصب على الكفار سوط عذاب

والتعبير عن انزاله بالصب للايذان بكثرته واستمراره وتتابعه فانه عبارة عن اراقة شئ مائع او جار مجراه فى السيلان كالرمل والحبوب وافراغه بشدة وكثرة واستمرار ونسبته الى السوط مع انه ليس من ذلك القبيل باعتبار تشبيه فى نزوله المتتابع المتدارك على المضروب بقطرات الشئ المصبوب فان قيل أليس ان الله تعالى قال ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة وهو يقتضى تأخير العذاب الى الآخرة فكيف الجمع بين هاتين الآيتين قلنا انه يقتضى تأخير تمام الجزآء الى الآخرة وذلك لا ينافى ان يعجل شئ من ذلك فى الدنيا فان الواقع فى الدنيا شئ من الجزآء ومقدماته كذا فى حواشى ابن الشيخ.
يقول الفقير وأوجه من ذلك ان المفهوم من الآية المؤاخذة لكل الناس وهو لا ينافى ان يؤاخذ بعضهم فى الدنيا بعذاب الاستئصال كبعض الامم السالفة المكذبة.