التفاسير

< >
عرض

وَٱدْخُلِي جَنَّتِي
٣٠
-الفجر

روح البيان في تفسير القرآن

{ وادخلى جنتى } معهم كقوله تعالى { وأدخلنى برحمتك فى عبادك الصالحين } فالدخول فى زمرة الخواص هى السعادة الروحانية والدخول معهم فى الجنات ودرجاتها هى السعادة الجسمانية وقيل المراد بالنفس الروح والمعنى فادخلى فى اجساد عبادى التى فارقت عنها وادخلى دار ثوابى وهذا يؤيد قول من قال ان الخطاب عند البعث وذهب بعضهم الى انه عند الموت.
كما روى ان ابا بكر رضى الله عنه سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
"ان الملك سيقولها لك يا ابا بكر عند موتك" وقال الحسن اذا اراد الله قبضها اطمأنت الى الله ورضيت عن الله ورضى الله عنها وقال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما اذا توفى العبد المؤمن ارسل الله ملكين وارسل اليه بتحفة من الجنة فيقال لها اخرجى أيتها النفس المطمئنة اخرجى الى روح وريحان ورب عنك راض فتخرج كأطيب ريح مسك وجده أحد فى أنفه والملك على ارجاء السماء يقولون قد جاء من الارض روح طيبة ونسمة طيبة فلا تمر بباب الا فتح ولا بملك الا صلى عليها حتى يؤتى بها الى الرحمن اى الى حضوره ومقام مخصوص من مقامات كراماته فتسجد ثم يقال لميكائيل اذهب بهذه فاجعلها مع انفس المؤمنين ثم يؤمر فيوسع عليه قبره سبعون ذراعا عرضه وسبعون ذراعا طوله وينبذ له فيه الريحان فان كان معه شئ من القرءآن كفاه نوره وان لم يكن جعل له نور مثل نور الشمس فى قبره فيكون مثله مثل العروس ينام فلا يوقظه الا أحب أهله واذا توفى الكافر ارسل الله اليه ملكين وارسل اليه قطعة بجاد أنتن من كل منتن وأخشن من كل خشن فيقال أيتها النفس الخبيثة اخرجى الى جهنم عذاب أليم ورب عليك غضبان وقال سعيد بن جبيررحمه الله مات ابن عباس رضى الله عنهما بالطائف فشهدت جنازته فجاء طائر لم ير مثله على خلقته فدخل نعشه ثم لم ير خارجا منه فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر لا يرى من تلاها يا أيتها النفس المطمئنة ودل قوله تعالى الله يتوفى الانفس حين موتها ان من النفوس الطيبة من يتولى الله قبضها بنفسه فيا طوبى لها وقال بعض اهل الاشارة يا أيتها النفس المطمئنة الى الدنيا ارجعى الى الله بتركها وبسلوك سبيل الآخرة فادخلى فى عبادى الاخروية وادخلى جنتى الصورية والمعنوية

اى باز هواكرفته باز آى ومرو كزرشته توسرى در انكشت منست

وقال القاشانى يا أيتها النفس المطمئنة التى نزلت عليها السكينة وتنورت بنور اليقين فاطمأنت الى الله من الاضطراب ارجعى الى ربك فى حال الرضى اى اذا تم لك كمال الصفات لا تسكنى اليه وارجعى الى الذات فى حال الرضى الذى هو كمال مقام الصفات والرضى عن الله لا يكون الا بعد رضى الله عنها كما قال رضى الله عنهم ورضوا عنه فادخلى فى زمرة عبادى المخصوصين بى من أهل التوحيد الذاتى وادخلى جنتى المخصوصة بى اى جنة الذات وفى التأويلات النجمية ارجعى الى ربك بالفناء فيه بعد قطع المنازل والمقامات راضية من نتائج السلوك الى الله والسير فى الله مرضية عند الله بالبأسى خلعة البقاء عليها فادخلى فى عبادى الباقين فى وبصفاتى وادخلى جنة ذاتى لفنائك عن ذاتك وانانيتك.
تمت سورة الفجر بعون ذى المن والحجر فى اواخر شهر المولد النبوى من سنة سبع عشرة ومائة وألف.