التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ
٤
-الفجر

روح البيان في تفسير القرآن

{ والليل } جنس الليل { اذا يسر } اى يمضى وبالفارسة آنكاه كه بكذرد. كقوله والليل اذا ادبر والسرى سير الليل يقال سرى يسرى سرى ومسرى اذا سار عامة الليل وسار يسير سيرا ذهب والتقييد لما فيه من وضوح الدلالة على كمال القدرة وفور النعمة كان جميع الحيوانات اعيد اليهم الحياة بعد الموت وتسببوا بذلك لطلب الارزاق الممدة للحياة الدنيوية التى يتوسل بها الى سعادة الدارين فان قيل القسم بالليل اذا يسر يغنى عن القسم بليال عشر قلنا المقسم به فى قوله والليل اذا يسر هو الليل باعتبار سيره ومضيه وفى قوله وليال عشر هو الليالى بلا اعتبار مضيها بل اعتبار خصوصية اخرى فلا يغنى اخذهما عن الآخر ويجوز أن يكون المعنى والليل اذا يسر يعنى يسرى فيه السارى ويسير فيه السائر فاسناد السرى الى الليل مجاز كما فى نهاره صائم اى هو صائم فى نهاره فالتقييد بذلك لان السير فى الليل حافظ للسائر من حر الشمس فان السفر مع مقاساة حر النهار أشد على النفس وقد قال النبى عليه السلام "عليكم بالدلجة فان الارض تطوى فى الليل" وكذا هو حافظ من شر قطاع الطريق غالبا لانهم مشغولون بالنوم فى الليل وحذفت الياء اكتفاء بالكسر ولسقوطها فى خط المصحف ولموافقة رؤوس الآى وان كان الاصل اثباتها لانها لام فعل مضارع مرفوع وسئل الاخفش عن حذفها فقال اخذ منى سنة فسأله بعد سنة فقال الليل يسرى فيه ولا يسرى فعدل به عن معناه فوجب ان يعدل عن لفظه يعنى ان سقوط الباء ليدل على ان اصل الفعل منفى عن الليل وان كان مسندا الى ضميره كما ان حركة العين فى الحيوان تدل على وجود معنى الحركة فى معنى الحيوان لان للتراكيب خواص بها تختلف وفيه اشارة الى ظلمة البدن اذا ذهبت وزالت بتجرد الروح والى القسم بسريانه ليل الهوية المطلقة فى نهار الحقائق المقيدة كما قال يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل برفع المقيدات بسطوات أنوار المطلق والى القسم بليلة المعراج التى اسرى الله بعبده فيها فكانت أشرف جميع الليالى لانها ليلة القدر والشرف والقرب والوصال والخطاب ورؤية الجمال المطلق.