التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ
١١٤
-التوبة

روح البيان في تفسير القرآن

{ وما كان استغفار ابراهيم لابيه } بقوله { { واغفر لأبى } [الشعراء: 86] اى بان توقفه للايمان وتهديه اليه كما يلوح به تعليله بقوله { { إنه كان من الضالين } [الشعراء: 86].
{ إلاّ عن موعدة } استثناء مفرغ من اعم العلل اى لم يكن استغفاره لأبيه آزر ناشئا عن شيء من الاشياء الا عن موعدة { وعدها } ابراهيم { إياه } اى اباه بقوله
{ { لاستغفرن لك } [الممتحنة: 4].
وقوله
{ { سأستغفر لك ربى } [مريم: 47].
بناء على رجاء ايمانه لعدم تبين حقيقة امره { فلما تبين له } اى لابراهيم بان اوحى اليه انه مصر على الكفر غير مؤمن ابدا وقيل بان مات على الكفر والاول هو الانسب بقوله { انه عدو لله } فان وصفه بالعداوة مما يأباه حالة الموت { تبرأ منه } اى تنزه عن الاستغفار وتجانب كل التجانب { ان ابراهيم لاواه } لكثير التأوه. وهو ان يقول الرجل عند التضجر والتوجع آه من كذا او يقول آوه بالمد والتشديد وفتح الواو وسكون الهاء لتطويل الصوت بالشكاية والاواه الخاشع المتضرع وقيل انه كلما ذكر تقصيرا او ذكر له شيء من شدائد الآخرة كان يتأوه اشفاقا واستعظاما كما قال كعب الاواه هو الذى اذا ذكرت عنده النار قال آه وقيل معناه الموقر بلغة الحبشة الا ان من قال لا يجوز ان يكون فى القرآن شيء غير عربى قال هذا موافق للعربية بلغة الحبشة والملائم انه كناية عن كمال الرأفة ورقة القلب لانه ذكر فى معرض التعليل لاستغفاره لابيه المشرك. والمعنى انه مترحم متعطف ولفرط رحمته ورأفته كان يتعطف لابيه الكافر { حليم } صبور على الاذية ولذلك كان يحلم على ابيه ويتحمل اذاه ويستغفر له مع صعوبة خلقه وغلظ قلبه وقوله لارجمنك ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما استغفر لعمه وهو مشرك كما استغفر ابراهيم عليه السلام لابيه المشرك ثم نهى عن الاستغفار للكافر نزلت هذه الآية لبيان عذر من استغفر لاسلافه المشركين قبل المنع عنه وهو قوله تعالى