التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ
١١٦
-التوبة

روح البيان في تفسير القرآن

{ ان الله له ملك السموات والأرض } من غير شريك له فيه: قال جلال الدين الرومى قدس سره:

واحد اندر ملك واورا يارنى بندكانش را جز اوسالارنى
نيست خلقش را دكركس مالكى شركتش دعوى كند جز هالكى

{ يحيى ويميت } اى يحيى الاموات ويميت الاحياء اى يوجد الحياة والموت فى الارض والاجساد وقلوب الامم { ومالكم من دون الله } اى حال كونكم متجاوزين ولايته ونصرته { من ولى ولا نصير } لما منعهم من الاستغفار للمشركين وان كانوا اولى قربى وضمن ذلك التبرى منهم رأسا بين لهم ان الله مالك كل موجود ومتولى امره والغالب عليه ولا يتأنى لهم ولاية ولا نصرة الا منه تعالى ليتوجهوا اليه بشراشرهم ويتبرأوا مما عداه حتى لا يبقى لهم مقصود فيما يأتون ويذرون سواه.
بقى ههنا ان الجم الغفير من العلماء ذهبوا الى ان النبى عليه السلام مر على عقبة الحجون فى حجة الوداع فسأل الله ان يحيى امه فاحياها فآمنت به وردها الله تعالى اى روحها.
قال فى انسان العيون لا يقال على ثبوت هذا الخبر وصحته التى صرح بها غير واحد من الحفاظ ولم يلتفتوا الى من طعن فيه كيف ينفع الايمان بعد الموت ولا يتعرض لانا نقول هذا من جملة خصوصياته صلى الله عليه وسلم.
وفى كلام القرطبى قد احيى الله تعالى على يده جماعة من الموتى فاذا ثبت ذلك فما يمنع ايمان ابويه بعد احبائهما ويكون زيادة فى كرامته وفضيلته ولو لم يكن احياء ابويه نافعا لايمانهما وتصديقهما لما احييا كما ان رد الشمس لو لم يكن نافعا فى بقاع الوقت لم ترد والله اعلم انتهى.
يقول الفقير قد اشبعنا الكلام فى ايمان ابوى النبى عليه السلام وكذا ايمان عمه ابى طالب وجده عبد المطلب بعد الاحياء فى سورة البقرة عند قوله تعالى
{ { ولا تسأل عن اصحاب الجحيم } [البقرة: 119] فارجع اليه. وجاء ان عبد المطلب رفض فى آخره عمره عبادة الاصنام ووحد الله وتؤثر عنه سنين جاء القرآن باكثرها وجاءت السنة بها منها الوفاء بالنذر والمنع من نكاح المحارم وقطع يد السارق والنهى عن قتل الموءودة وتحريم الخمر والزنى وان لا يطوف بالبيت عريان كذا فى كلام سبط ابن الجوزى.
وقال فى ابكار الافكار فى مشكل الاخبار ان عبد المطلب قد كان يتعبد فى كثير من احواله بشريعة ابراهيم عليه السلام ويتمسك بسنن اسماعيل عليه السلام ولم ينكر نبوة محمد عليه السلام اذ لم يكن قد بعث فى ايامه ولا يقطع بكفر من مات فى زمن الفترة فلم يكن حكمه حكم الكفار المشركين الذين شهد النبى عليه السلام بانهم فحم فى جهنم انتهى.
قال فى السيرة الحلبية منع الاستغفار لامه عليه السلام انما يأتى على القول باب من بدل دينه او غيره او عبد الاصنام من اهل الفترة معذب وهو قول ضعيف مبنى على وجوب الايمان والتوحيد بالعقل. والذى عليه اكثر اهل السنة والجماعة ان لا يجب ذلك الا بارسال الرسل ومن المقرر ان العرب لم يرسل اليهم رسول بعد اسماعيل عليه السلام وان اسماعيل انتهت رسالته بموته كبقية الرسل لان ثبوت الرسالة بعد الموت من خصاص نبينا صلى الله عليه وسلم وان اهل الفترة من العرب لا تعذيب عليهم وان غيروا او بدلوا او عبدوا الاصنام والاحاديث الواردة بتعذيب من ذكر او من بدل او غير او عبد الاصنام مؤولة او خرجت مخرج الزجر للحمل على الاسلام. ثم رأيت بعضهم رجح ان التكليف بوجوب الايمان بالله تعالى وتوحيده اى بعدم عبادة الاصنام يكفى فيه وجود رسول دعا الى ذلك وان لم يكن الرسول مرسلا لذلك الشخص بان لم يدرك زمنه حيث بلغه انه دعا الى ذلك او امكنه علم ذلك وان التكليف بغير ذلك من الفروع لا بد فيه من ان يكون ذلك الرسول مرسلا لذلك الشخص وقد بلغته دعوته وعلى هذا فمن بدرك زمن نبينا صلى الله عليه وسلم ولا زمن من قبله من الرسل معذب على الاشراك بالله بعبادته الاصنام لانه على فرض ان لا تبلغه دعوة احد من الرسل السابقين الى الايمان بالله وتوحيده ولكنه كان متمكنا من علم ذلك فهو تعذيب بعد بعث الرسل لا قبله وحينئذ لا يشكل ما اخرجه الطبرانى فى الاوسط بسند صحيح عن ابن عباس رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
"ما بعث الله نبياً الى قوم ثم قبضه الا جعل بعده فترة يملأ من تلك الفترة جهنم"
. ولعل المراد المبالغة فى الكثرة والا فقد اخرج الشيخان عن انس رضى لله عنه عن النبى عليه السلام انه قال "لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فيرتد بعضها الى بعض وتقول قط قط" اى حسبى بعزتك وكرمك واما بالنسبة لغير الايمان والتوحيد من الفروع فلا تعذيب على تلك الفروع لعدم بعثه رسول اليهم فاهل الفترة وان كانوا مقرين بالله الا انهم اشركوا بعبادة الاصنام فقد حكى الله عنهم { { ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله زلفى } [الزمر: 3].
ووجه التفرقه بين الايمان والتوحيد وغير ذلك ان الشرائع بالنسبة للايمان بالله والتوحيد كالشريعة الواحدة لاتفاق جميع الشرائع عليه هذا. وقد جاء انهم اى اهل الفترة يمتحنون يوم القيامة فقد اخرج البزاز عن ثوبان ان النبى عليه السلام قال
"اذا كان يوم القيامة جاء اهل الجاهلية يحملون اوثانهم على ظهورهم فيسألهم ربهم فيقولون ربنا لم ترسل الينا رسولا ولم يأتنا لك امر ولو ارسلت الينا رسولا لكنا اطوع عبادك فيقول لهم ربهم أرأيتم ان امرتكم بامر ان تطيعونى فيقولون نعم فيأخذ على ذلك مواثيقهم فيرسل اليهم ان ادخلوا النار فينطلقون حتى اذا رأوها فرقوا ورجعوا فقالوا ربنا فرقنا منها ولا نستطيع ان ندخلها فيقول ادخلوها داخرين فقال النبى عليه السلام لو دخلوها اول مرة كانت عليهم بردا وسلاما" قال الحافظ ابن حجر فالظن بآله صلى الله عليه وسلم يعنى الذين ماتوا قبل البعثة انهم يطيعون عند الامتحان اكراما للنبى عليه السلام لتقر عينه ونرجو ان يدخل عبد المطلب الجنة فى جماعة من يدخلها طائعا الا ابا طالب فانه ادرك البعثة ولم يؤمن به بعد ان طلب منه الايمان انتهى كلامه ولعله لم يذهب الى مسألة الاحياء ولذا قال ما قال فى حق ابى طالب

نا اميدم مكن از سابقه لطف ازل توجه دانى كه بس برده خوبست وكه زشت