التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ
٢٤
-التوبة

روح البيان في تفسير القرآن

{ قل } يا محمد للذين تركوا الهجرة { ان كان آباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم } اى اقرباؤكم من المعاشرة وهى المخالطة { واموال اقترفتموها } اى اكتسبتموها واصبتموها بمكة وانما وصفت بذلك ايماء الى عزتها عندهم لحصولها بكد اليمين { وتجارة } اى امتعة اشتريتموها للتجارة والربح { تخشون كسادها } بفوات وقت رواجها بغيبتكم عن مكة المعظمة فى ايام الموسم { ومساكن ترضونها } اى منازل تعجبكم الاقامة فيها لكمال نزاهتها من الدور والبساتين { احب اليكم من الله ورسوله } اى من طاعة الله وطاعة رسوله بالهجرة الى المدينة { وجهاد فى سبيله } اى واحب اليكم من الجهاد فى طاعة الله والمراد الحب الاختيارى المستتبع لاثره الذى هو الملازمة وعدم المفارقة لا الحب الجبلى الذى لا يخلو عنه البشر فانه غير داخل تحت التكليف الدائر على الطاقة { فتربصوا } اى انتظروا جواب للشرط { حتى يأتى الله } [تابيارد خداى تعالى] { بامره } هى عقوبة عاجلة او آجله وهو وعيد لمن آثر حظوظ نفسه على مصلحة دينه { والله لا يهدى القوم الفاسقين } الخارجين عن الطاعة فى موالاة المشركين اى لا يرشدهم الى ما هو خير لهم.
وفى الآية الكريمة وعيد شديد لا يتخلص منه الا اقل قليل فانك لو تتبعت اخوان زماننا من الزهاد الورعين لوجدتهم يتحيرون ويتحزنون بفوات احقر شيء من الامور الدنيوية ولا يبالون بفوات اجلّ حظ من الحظوظ الدينية فان محصول الآية ان من اثر هذه المشتهيات الدنيوية على طاعة الرحمن فليستعد لنزول عقوبة آجلة وعاجلة ولينظر ان ما آثره من الحظوظ العاجلة هل يخلص من الاهوال والدواهى النازلة اللهم عفوك وغفرانك يا ارحم الراحمين.
قال الكاشفى { اى عزيز مردى بايدكه ابراهيم وار روى از كون بكرداند
{ { فإنهم عدو لى إلا رب العالمين } [الشعراء: 77] مال رابذل مهمان. وفرزندار قصد قربان وخودرا فداى آتش سوزان كند تادرو دعوئ دوستى صادق باشد]

آنكس كه تراشناخت جانرا جه كند فرزند وعيال وخانما نرا جه كند
ديوانه كنى هر دو جهانش بخشى ديوانه توهر دوجهانرا جه كند

[آورده نماندكه حضرت صلى الله عليه وسلم فرموده است كه] "لا يؤمن احدكم حتىاكون احب اليه من ماله وولده والناس اجمعين"
قال ابن ملك المراد به نفى كمال الايمان بالحب الحب الاختيارى مثلا لو امر رسول الله مؤمنا بان يقاتل الكافر حتى يكون شهيدا او امر بقتل ابويه واولاده الكافرين لاحب ان يختار ذلك لعلمه ان السلامة فى امتثال امره عليه السلام وان لا يخير كما ان المريض ينفر بطبعه عن الدواء ولكن يميل اليه ويفعله لظنه ان صلاحه فيه كيف ونبينا عليه السلام اعطف علينا منا ومن آبائنا واولادنا لانه عليه السلام يسعى لنا لا لغرض.
قال القاضى ومن محبته عليه السلام نصرة سنته والذب اى المنع والدفع عن شريعته [از حضرت شيخ الاسلام قدس سره منقولست كه احمد بن يحيى دمشقى روزى بيش مادر وبدر نشسته بود قصه قربان كردن حضرت اسماعيل از قرآن بريشان ميخواند كفتند اى احمد از بيش ما برخيز وبروكه ما ترادركار خدا كرديم احمد برخاست وكفت الهى اكنون جزتوكسى ندارم روبكعبه نهاد وبعد ازان كه بيست وجهار موقف ايستاده بود قصد زيارت والدين كردجون بدمشق آمد وبدر سراى خود رسيد حلقه دربجنبانيد ما درش آوازدادكه من على الباب جواب دادكه انا احمد ابنك مادرش كفت بيش ازين مارا فرزندى بود اورا دركار خدا كرديم احمد ومحمودرا باماجه كار

ماهرجه داشتبم فداى توكرده ايم جانرا اسير بند هواى توكرده ايم
ماكرده ايم ترك خود وهردوكون نيز وينهاكه كرده ايم براى تو كرده ايم

وهذا لما ان المهاجرين كانوا يكرهون الموت فى بلدة هاجروا منها وتركوها لله تعالى لئلا ينقص ثواب الهجرة اذ فى العود نقض العمل الا ان يكون لضرورة دون اختيار.
قال فى التأويلات اصل الدين هو محبة الله تعالى وان صرف استعداد محبة الله فى هذه الاشياء المذكورة فيه فسق وهو الخروج من محبة الخالق الى محبة المخلوق وان من آثر محبة المخلوق على محبة الخالق فقد ابطل الاستعداد الفطرى لقبول الفيض الالهى واستوجب الحرمان وادركه القهر والخذلان { فتربصوا حتى يأتى الله بأمره } اى بقهره { والله لا يهدى القوم الفاسقين } الخارجين عن حسن الاستعداد يعنى لا يهديهم الى حضرت جلاله وقبول فيض جماله بعد ابطال حسن الاستعداد.
وعن بشر بن الحارث رضى الله عنه قال رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام فقال لى يا بشر أتدرى لم رفعك الله تعالى على اقرانك قلت لا يا رسول الله قال باتباعك لسنتى وخدمتك الصالحين ونصحك لاخوانك ومحبتك لاصحابى واهل بيتى هو الذى بلغك منازل الابرار.
اقول المحبة الخالصة باب عظيم لا يفتح الا لاهل القلب السليم وتأثيرها غريب وامرها عجيب نسأل الله تعالى سبحانه ان يجعلنا من الذين آثروا حب الله وحب رسوله على حب ما سواهما آمين