التفاسير

< >
عرض

ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٣١
-التوبة

روح البيان في تفسير القرآن

{ اتخذوا } اى اليهود { احبارهم } اى علماءهم جمع حبر بالكسر هو افصح وسمى العالم حبرا لكثرة كتابته بالجر او لتحبره المعانى او بالبيان الحسن وغلب فى علماء اليهود من اولاد هارون { ورهبانهم } واى اتخذوا النصارى علماءهم جمع راهب وهو الذى تمكنت الرهبة والخشية فى قلبه وظهرت آثارها فى وجهه ولسانه وهيئته وغلب فى عباد النصارى واصحاب الصوامع منهم { اربابا من دون الله } اى كالارباب فهو من باب التشبيه البليغ. والمعنى اطاعوا علماءهم وعبادهم فيما امروهم به طاعة العبيد للارباب فحرموا ما احل الله وحللوا ما حرم الله وفى الحديث "ان محرم الحلال كمحلل الحرام" اى ان عقوبة محرم الحلال كعقوبة محلل الحرام وذلك كفر محض ومثاله ان من اعتقد ان اللبن حرام يكون كمن اعتقد ان الخمر حلال ومن اعتقد ان لحم الغنم حرام يكون كمن اعتقد ان لحم الخنزير حلال { والمسيح ابن مريم } عطف على رهبانهم اى اتخذه النصارى ربا معبودا بعدما قالوا انه ابن الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا وجمع اليهود والنصارى فى ضمير اتخذوا لا من اللبس { وما امروا } اى والحال ان اولئك الكفرة ما امروا فى التوراة والانجيل وبادئ العقل { الا ليعبدوا الها واحدا } عظيم الشأن هو الله تعالى ويطيعوا امره ولا يطيعوا امر غيره بخلافه فان ذلك مخل بعبادته بان جميع الكتب السماوية متفقة على ذلك قاطبة واما اطاعة الرسول وسائر من امر الله بطاعته فهى فى الحقيقة اطاعة الله تعالى { لا اله الا هو } صفة ثانية لا لها { سبحانه عما يشركون } ما مصدرية اى تنزيها له عن الاشراك به فى العبادة والطاعة