التفاسير

< >
عرض

وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا
٢
-الشمس

روح البيان في تفسير القرآن

{ والقمر اذا تلاها } من التلو بمعنى التبع اى اذا تبعها بان طلع بعد غروبها آخذا من نورها وذلك فى النصف الاول من الشهر قال الراغب تلاه تبعه متابعة ليس بينهما ما ليس منهما وذلك يكون تارة بالجسم وتارة بالاقتدآء فى الحكم ومصدره تلو وتلو وتارة بالقرءآن وتدبر المعنى ومصدره تلاوة ثم قال قوله والقمر اذا تلاها فانما يراد به ههنا الاتباع على سبيل الاقتدآء والمرتبة وذلك انه فيما قيل ان القمر يقتبس النور من الشمس وهولها بمنزلة الخليقة قيل وعلى هذا قوله وجعل الشمس ضياء والقمر نورا والضياء على مرتبة من النور اذ كل ضياء نور دون العكس وفيه اشارة الى قمر القلب اذ تلا الروح فى التنور بها واقباله نحوها واستضاءته بنورها ولم يتبع النفس فيخسف بظلمتها قال شيخى وسندى روح الله روحه فى كتاب الملائحات البرقيات له ان الشمس آية للحقيقة الالهية الكمالية الاكملية واشارة اليها والقمر آية للحقيقة الانسانية الكمالية الاكملية واشارة اليها فكما ان القمر منذ خلقه الله الى اليوم القيامة كان مجلى ومظهر التجلى نور الشمس وظهوره فى الليل حتى يهتدى به ارباب الليل فى الظلمات الليلية فى سيرهم وسلوكهم فى طرق مقاصدهم فكذلك الحقيقة الانسانية الكمالية الاكملية منذ خلقها الله الى ابد الآبدين كانت مجلى ومظهرا لتجلى نور الحقيقة الالهية الكمالية الاكملية وظهوره فى الكون حتى يهتدى به ارباب الكون فى ظلمات الكون عند سلوكهم وسيرهم فى العوالم والاطوار الكونية نزولا عند السر الى عالم الامكان وعروجا عند السلوك الى عالم الوجوب فكما ان القمر يفنى من نوره ونفسه بالتمام فى نور الشمس ونفسها بحيث لا يبقى اثر من نوره ونفسه عند المقارنة والمواصلة الحاصلة بينهما بالارسال الى نفسه والبسط الى نوره مرارا وكرارا دآئما وباقيا الى يوم القيامة فكذلك الحقيقة الانسانية الكمالية الاكملية تفنى من نورها وتعينها فى نور الحقيقة الالهية الكمالية الاكملية وتعينها بالتمام بحيث لا يبقى لها اثر ما اصلا عند الوصلة الالهية الحاصلة فى مرتبة الذات الاحدية الجمعية المطلقة بالقبض والجذب من نورها وتعينها الى نورها وتعينها الازلى الابدى السرمدى وتبقى مع نورها وتعينها بنورها بحيث لا يفنى منها اثر أصلا عند الفرقة الكونية الحاصلة فى مرتبة المظهرية الكثرتية الفرقية المقيدة بالبسط والارسال الى نورها وتعينها مرارا وكرارا ابدا سرمدا وعند تجلى النور الشمسى والالهى وظهوره فى القمر والانسان الكامل تدريجا الى حد الكمال يكمل بقاؤهما وعند استتاره واختفائه عنهما تدريجا ايضا الى حد التمام يتم فناؤهما وفناؤهما على هذا الوجه من قبض جلال الحق سبحانه وبقاؤهما على ذلك النمط من بسط جماله تعالى والله يقبض ويبسط دآئما من مرتبة كماله الذاتى بيدى جلال كماله وجماله بل يداه مبسوطتان كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا انتهى كلامه قدس الله سره فان قلت اذا ههنا ليست بشرطية لعدم جوابها لفظا او تقديرا حتى يعمل فيها فتكون ظرفا مطلقا فلا بد لها من عامل وهو فى المشهور اقسم المقدر وهو انشاء فيكون للحال واذا للاستقبال ولا اجتماع بينهما فلا تكون ظرفا ووقتا له قلت اذا فى امثال هذا المقام للتعليل اى اقسم بالقمر اعتبارا بتلوها وبالنهار اعتبارا بتجليته الشمس وبالليل اعتبارا بغشيانه اياها كما تقول أشهدك على هذا حيث كنت صالحا متدينا اى لاجل ذلك كذا فى بعض التفاسير وقال فى القاموس اذا تجئ للحال وذلك بعض القسم مثل والليل اذا يغشى والنجم اذا هوى انتهى فيكون بمعنى حين فاعرف.