التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا
٥
وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا
٦
-الشمس

روح البيان في تفسير القرآن

{ والسماء وما بناها } اى ومن بناها على غاية العظم ونهاية العلو وهو الله تعالى وايثار ما على من لارادة الوصفية تعجبا لأن ما يسأل بها عن صفة من يعقل كأنه قيل والقادر العظيم الشان الذى بناها وكذا الكلام فى قوله { والارض وما طحاها } اى ومن بسطها من كل جانب على الماء كى يعيش اهلها فيها والطحو كالدحو بمعنى البسط وابدال الطاء من الدال جائز وافراد بعض المخلوقات بالذكر وعطف الخالق عليه والاقسام بهما ليس لاستوآئهما فى استحقاق التعظيم بل النكتة فى الترتيب ان يتبين وجود صانع العالم وكمال قدرته ويظفر العقل بادراك جلال الله وعظمة شأنه حسبما امكن فانه تعالى لما اقسم بالشمس التى هى اعظم المحسوسات شرفا ونفعا ووصفها باوصافها الاربعة وهو ضؤوها وكونها متبوعة للقمر ومتجلية عند ارتفاع النهار ومختفية متغطية بالليل ثم اقسم بالسماء التى هى مسير الشمس واعظم منها فقد نبه على عظمة شأنهما لما تبين ان الاقسام بالشئ تعظيم له ومن المعلوم انهما لحركاتهما الوضعية وتغير أحوالهما من الاجسام الممكنة المحتاجة الى صانع مدبر كامل القدرة بالغ الحكمة فتوسل العقل بمعرفة احوالهما واوصافهما الى كبرياء صانعمها فكان الترتيب المذكور كالطريق الى جذب العقل من حضيض عالم المحسوسات الى يفاع عالم الربوبية وبيدآء كبريائه الصمدية وفيه اشارة الى سماء الارواح وارض الاجساد.