التفاسير

< >
عرض

وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ
٨
-الضحى

روح البيان في تفسير القرآن

{ ووجدك عائلا } اى فقيرا يؤيده ما فى مصحف عبد الله بن مسعود رضى الله عنه عديما يقال عال يعيل عيلا وعيلة افتقر اى فاغناك بمال خديجة رضى الله عنها او بما افاء عليه من الغنائم حتى كان عليه السلام يهب المائة من الابل وفى الحديث "جعل رزقى تحت ظل رمحى" وفيه اشارة الى أنه عليه السلام لو كان متمولا من اول الامر لكان يسبق الى بعض الاوهام انه انما وجد العز والغلبة بسبب المال فلما علا كل العلو على الاغنياء والملوك علم أنه كان من جهة الحق وقيل قنعك واغنى قلبك قال عليه السلام "ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس" ولذا قال الراغب اى ازال عنك فقر النفس وجعل لك الغنى الاكبر المعنى بقوله عليه السلام الغنى غنى النفس وقيل ما عال مقتصد اى ما افتقر وفى التأويلات النجمية اى فقيرا فانيا عن انيتك وانانيتك بحسب استعدادك القديم فاغنى بالبقاء بوجوده وجوده واسمائه وصفاته انتهى فالفقر الحقيقى هو التخلى عما سوى الله وبذل الوجود وما يتبعه وهو الذى وقع الافتخار به قال الامام القشيرىرحمه الله اغناء الله عباده على قسمين فمنهم من يغنيهم بتنمية اموالهم وهم العوام وهو غنى مجازى ومنهم من يغنيهم بتصفية احوالهم وهم الخواص وهو الغنى الحقيقى لأن احتياج الخلق الى همة صاحب الحال اكثر من احتياجهم الى نعمة صاحب المال ثم المراد من تعداد هذه النعم ليس الامتنان بل تقوية قلبه عليه السلام للاطمئنان بعد التوديع.