التفاسير

< >
عرض

فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً
٥
-الشرح

روح البيان في تفسير القرآن

{ فإن مع العسر يسرا } تقرير لما قبله ووعد كريم بتيسير كل عسير له عليه السلام وللمؤمنين فاللام للاستغراق قال فى الكشاف فان قلت كيف تعلق قوله فان مع العسر يسرا بما قبله قلت كان المشركون يعيرون رسول الله والمؤمنين بالفقر والضيقة حتى سبق الى وهمه أنهم رغبوا عن الاسلام لافتقار اهله واحتقارهم فذكره ما انعم الله به عليه من جلائل النعم ثم قال فان مع العسر الخ كأنه قيل خولناك من جلائل النعم فكن على ثقة بفضل الله ولطفه فان مع العسر يسرا كثيرا وفى كلمة مع اشعار بغاية سرعة مجيئ اليسر كأنه مقارن للعسر والا فالظاهر ذكر كلمة المعاقبة لا اداة المصاحبة لأن الضدين لا يجتمعان بل يتعاقبان

ان مع العسر جو يسرش قفاست شاد برآنم كه كلام خداست

وقال بعضهم هذا عند العامة واما عند الخاصة فالمعية حقيقية كما قيل

برجانم ازتوهرجه رسد جاى منت است كرناوك جفاست وكر خنجر ستم

قال حضرة الشيخ الاكبر قدس سره الاطهر هى معية امتزاج لا معية مقارنة ولا تعاقب ولذلك كررها فلولا وجود اليسر فى العسر لم يبق عسر لعموم الهلاك ولولا وجود العسر فى اليسر لم يبق يسر وبضدها تتبين الاشياء ثم ان العسر يؤول كله الى اليسر فقد سبقت الرحمة الغضب وذلك عناية من الله فان ذلك قد يكون مصقلة وجلاء لقلوب الاكابر وتوسعة لاستعدادهم فتتسع لتجلى الحضرة الالهية وكما أن حظهم من الملائم اوفر فكذلك غير الملائم قال عليه السلام "اشد الناس بلاء الانبياء ثم الاولياء ثم الامثل فالامثل" ولذلك قال تعالى ادعونى استجب لكم وقال عليه السلام "ان الله يحب الملحين فى الدعاء" وفى تعريف العسر وتنكير اليسر اشارة لطيفة الى أن الدنيا دار العسر فالعسر عند السامع معلوم معهود واليسر مجهول مبهم.