التفاسير

< >
عرض

وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ
١
-التين

روح البيان في تفسير القرآن

{ والتين والزيتنون } هما هذا التين الذى يؤكل وهذا الزيتون الذى يعصر منه الزيت خصهما الله من بين الثمار بالاقسام بهما لاختصاصهما بخواص جليلة فان التين فاكهة طيبة لافضل له وغذآء لطيف سريع الهضم ودوآء كثير النفع يلين الطبع ويحلل البلغم ويطهر الكليتين ويزيل ما فى المثانة من الرمل ويسمن البدن ويفتح سدد الكبد والطحال وروى ابو ذر رضى الله عنه أنه اهدى للنبى عليه السلام سل من تين فاكل منه وقال لاصحابه كلوا فلو قلت ان فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذا الآن فاكهة الجنة بلا عجم فكلوها فانها تقطع البواسير وتنفع من النقرس وعن على بن موسى الرضى رضى الله عنه التين يزيل نكهة الفم ويطول الشعر وهو امان من الفالج قال الامام لما عصى آدم عليه السلام وفارقته ثيابه تستربورق التين ولما نزل وكان مترزا بورق التين استوحش فطافت الظباء حوله فاستأنس بها فاطعمها بعض ورق التين فرزقها الله الجمال صورة والملاحة معنى وغير دمها مسكا فلما تفرقت الظباء الى مساكنها رأى غيرها عليها من الجمال ما اعجبه فلما كان الغد جاءت ظباء آخر على اثر الاول فاطعمها من الورق فغير الله حالها الى الجمال دون المسك وذلك لأن الاولى جاءت الى آدم لاجله لا لأجل الطمع والطائفة الاخرى جاءت اليه ظاهرا وللطمع باطنا فلا جرم غير الظاهر دون الباطن وفى اسئلة الحكم فان قلت ما الحكمة فى أن سائر الاشجار يخرج ثمارها فى كمامها اولا ثم تظهر الثمرة من الكمام ثانيا وشجرة التين اول ما يبدو ثمرها يبدو بارزا من غير كمام قلت لأن آدم لم يستره الاشجرة التين فقال الله بعدما سترت آدم اخرج منك المعنى قبل الدعوى وسائر الاشجار يخرج منها الدعوى قبل المعنى قال فى خريدة العجائب اذا نثر رماد خشب التين فى البساتين هلك منه الدود ودخان التين يهرب منه البق والبعوض.
واما الزيتون فهو فاكهة وادام ودوآء ولو لم يكن له سوى اختصاصه بدهن كثير المنافع مع حصوله فى بقاع لا دهنية فيها كالجبال لكفى به فضلا وشجرته هى الشجرة المباركة المشهورة فى التنزيل ومر معاذ بن جبل رضى الله عنه بشجرة الزيتون فأخذ منها قضيبا واستاك به وقال سمعت النبى عليه السلام يقول نعم سواك الزيتون هو سواكى وسواك الانبياء من قبلى وشجرة الزيتون تعمر ثلاثة آلاف سنة ومن خواصها أنها تصبر عن الماء طويلا كالنخل واذا لقط ثمرتها جنب فسدت والقت حملها وانتثر ورقها وينبغى ان تغرس فى المدر لكثرة الغبار لان الغبار كلما علا على زيتونها زاد دسمه ونضجه ورماد ورقها ينفع العين كحلا ويقوم مقام التوتيا وفى الحديث
"عليكم بالزيت فانه يكشف المرة ويذهب البلغم ويشد العصب ويمنع الغشى ويحسن الخلق ويطيب النفس ويذهب الهم" قال الامام ان التين فى النوم رجل خير غنى فمن ناله فى المنام نال مالا وسعة ومن اكله رزقه الله اولادا ومن اخذ ورق الزيتون فى المنام استمسك بالعروة الوثقى وقال مريض لابن سيرين رأيت فى المنام كأنه قيل لى كل اللاءين تشفى فقال كل الزيتون فانه لا شرقية ولا غربية وقال الطبرى المراد بالتين الجبل الذى عليه دمشق يعنى جبل الصالحية ويسمى جبل قاسيون والزيتون وهو طور زيتا الجبل الذى يلى بيت المقدس من جهة المشرق وذلك أن التين ينبت كثيرا بدمش والزيتون بايليا.