التفاسير

< >
عرض

وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ
٣
-التين

روح البيان في تفسير القرآن

{ وهذا البلد الأمين } اى الآمن يقال امن الرجل بضم الميم امانة فهو أمين وهو مكة شرفها الله تعالى وامانتها أنها تحفظ من دخلها جاهلية واسلاما من قتل وسبى كما يحفظ الامين ما يؤتمن عليه ويجوز ان يكون فعيلا بمعنى مفعول بمعنى المأمون فيه على الحذف والايصال من امنه أنه مأمون الغوآئل والعاهات كما وصف بالامن فى قوله تعالى حرما آمنا بمعنى ذى امن وفى الحديث "من مات فى احد الحرمين بعث يوم القيامة آمنا" ومعنى القسم بهذه الاشياء الابانة عن شرف البقاع المباركة وما ظهر فيها من الخير والبركة بسكنى الانبياء والصالحين فمنبت التين والزيتون مهاجر ابراهيم ومولد عيسى ومنشأهما عليهما السلام والطور المكان الذىنودى فيه موسى عليه السلام ومكة مكان البيت الذى هو هدى للعالمين ومولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه. ودر بحر الحقائق آورده كى بزبان اشارة قسم است بشجره تينيه قلبيه كه مثمر ثمره علوم دينية بتجلئ الهى مجلى است وبلد امين خفى كه محل امن وامانست ازهجوم فات تعلقات اكوان.
يقول الفقير اشار بالتين الى علوم الحقيقة التى محلها السر الانسانى لأنها لذة صرفة ولذا قدمت لأنها المطلب الاعلى لتعلقها بذات الله وصفاته وافعاله وكما أن عمر شجرة التين قصير بالنسبة الى الزيتون فكذا عمر اهل الحقيقة غالبا اذ لا معنى للبقاء فى الدار الفانية بعد حصول المقصود الذى هو الحياة الباقية الا أن يكون لارشاد الناس واشار بالزيتون الى علوم الشريعة التى محلها النفس الانسانية فهى ليست بنعيم محض لأنه لا بد فى الشريعة من اتعاب النفس والقالب واشار بطور سينين الى الروح الذى هو محل المعارف الالهية ومقام المناجاة واشار بالبلد الامين الى مكة الوجود المشتملة على بيت القلب فانه أمن اهلها من اختطاف الشياطين ودخول شر الوسواس الخناس فيها والى الاعمال القالبية الحاصلة بالحواس والاعضاء فالقالب اخذ الشرف من القلب وهو من الروح وهو من السر فلذا كان الكل جديرا بالاقسام به.