التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب
١٩
-العلق

روح البيان في تفسير القرآن

{ كلا } ردع بعد ردع للناهى المذكور وزجر له اثر زجر فهو متصل بما قبله ولذا جعلوا الوقف عليه وقفا مطلقا { لا تطعه } اى دم على ما انت عليه من معاصاة ذلك الناهى الكاذب الخاطئى كقوله تعالى ولا تطع المكذبين { واسجد } وواظب على سجودك وصلاتك غير مكترث به { واقترب } وتقرب بذلك السجود الى ربك وفى الحديث "اقرب ما يكون العبد من ربه اذا سجد فأكثروا من الدعاء فى السجود" كلمة ما مصدرية وأقرب مبتدأ حذف خبره ويكون تامة اى اقرب وجود العبد من ربه حاصل وقت سجوده. ودر فتوحات اين راسجده قرب كفته. وهذا محل سجود عند الثلاثة خلافا لمالك وهم على اصولهم فى قولهم بالوجوب والسنية ثم ان السجود اشارة الى ازالة حجاب الرياسة وفى الحديث "لا كبر مع السجود" يعنى هركه سجده آرد از كبر دور كشت وبر دركاه الله شرف مت ضعان يافت.
روى أن ابراهيم عليه السلام اضاف يوما مائتى مجوسى فلما اكلوا قالوا امرنا يا ابراهيم قال ان لى الكيم حاجة فقالوا ما حاجتك قال اسجدوا لربى سجدة واحد فتشاوروا فيما بينهم فقالوا ان هذا الرجل قد صنع معروفا كثيرا فلو سجدنا لربه ثم رجعنا الى آلهتنا لا يضرنا ذلك بشئ فسجدوا جميعا فلما وضعوا رؤسهم على الارض ناجى ابراهيم ربه فقال انى جهدت جهدى حتى حملتهم على هذا ولا طاقة لى على غيره وانما التوفيق والهداية بيدك اللهم زين صدورهم بالاسلام فلما رفعوا رؤوسهم من السجود اسلموا وللسجدة اقسام سجدة الصلاة وسجدة التلاوة وسجدة السهو وهذه مشهورة وسجدة التعظيم لجلال الله وكبريائه وسجدة التضرع اليه خوفا وطمعا وسجدة الشكر له وسجدة المناجاة وهذه مستحبة فى الاصح صادرة عن الملائكة وعن رسول الله عليه السلام وسائر الانبياء والاولياء عليهم السلام وقال ابو حنيفة ومالك سجود الشكر مكروه فيقتصر على الحمد والشكر باللسان وقال الامامان هى قربه يثاب فاعلها وقال القاشانى قرأ عليه السلام فى هذه السجدة اى سجدة اقرأ
"اعوذ بعفوك من عقابك" اى بفعل لك من فعل لك "واعوذ برضاك من سخطك" اى بصفة لك من صفة لك "واعذوب بك منك" اى بذاتك من ذاتك وهو معنى اقترابه بالسجود.