التفاسير

< >
عرض

فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَـٰؤُلاۤءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ
١٠٩
-هود

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

يقول الحق جل جلاله: { فلا تك } يا محمد { في مرية }. في شك { مما يعبد هؤلاء } المشركون، أي: لا تشك في فساد ما هم فيه، بعد ما أنزل عليك من حال الناس، وتبيين ما لأهل السعادة الموحدين، مما لأهل الشقاء المشركين، { ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبلُ }، وهو تعليل للنهي، أي: ما يعبدون عبادةً إلا كعبادة آبائهم. أو ما يعبدون شيئاً إلا مثل ما عبد آباؤهم من الأوثان؛ تقليداً من غير برهان، وقد بلغك ما لحق آبائهم من العذاب فسيلحقهم مثل ذلك؛ لاتفاقهم في سبب الهلاك. { وإنا لموفوهم نصيبهم } حظهم من العذاب، كآبائهم، { غير منقوص } من نصيبهم شيء. فالتوفية لا تقتضي التمام، تقول: وفيته حقه، وتريد وفاء بعضه. والله تعالى أعلم.
الإشارة: فلا تكن أيها العارف في مرية مما يعبد هؤلاء العوام، من جمع الدنيا، والتكاثر منها، وصرف الهمة إلى تحصيلها، واستعمال الفكر في أسباب جمعها، وانهماك النفس في حظوظها وشهواتها. ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل، ممن سلك هذا المسلك الذميم، وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص بانحطاط درجتهم عن درجة المقربين. قال بعض الحكماء: دار الدنيا كأحلام المنام، وسرورها كظل الغمام، وأحدثها كصوائب السهام، وشهواتها: كمشرب الشمام، وفتنتها كأمواج الطوام. هـ.
ولما ذكر رسالة موسى عليه السلام، وشأن فرعون ووبال من تبعه، ذكر نزول التوراة عليه، فقال: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ }.