التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ
١١٠
وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
١١١
-هود

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

قلت: { وإنَّ كلاًّ لما ليوفينهم }: إن: مخففة عاملة، والتنوين في (كُلا) عوض عن المضاف. و"ما": موصولة، واللام: لام الابتداء، و { ليوفينهم }: جواب لقسم محذوف، وجملة القسم وجوابه: صلة "ما"، أي: وإن كل الفريقين للذين، والله ليوفينهم ربك أعمالهم. ومن قرأ: "لمَّا"؛ بالتشديد، فعلى أن (إن) نافية، و "لما" بمعنى إلا، وقيل: غير هذا.
يقول الحق جل جلاله: { ولقد آتينا موسى الكتاب }: التوراة، { فاختُلف فيه }؛ فآمن به قوم وكفر به قوم، كما اختلف هؤلاء في القرآن، { ولولا كلمة سبقت من ربك } وهي: كلمة الإنظار إلى يوم القيامة، { لقُضي بينهم } بإنزال ما يستحقه المبطل من الهلاك، ونجاة المحق. { وإنهم } أي: قوم موسى، أو كفار قومك، { لفي شك منه } أي: التوراة، أو من القرآن، { مريب }: موقع في الريبة، { وإنَّ كلاَّ } من الفريقين المختلفين، المؤمنين والكافرين، للذين { ليوفينهم ربك } جزاء أعمالهم، ولا يهمل منه شيئاً ـ { إنه بما يعملون خبير } فلا يفوته شيء منه وإن خفي.
الإشارة: الاختلاف على الأنبياء والأولياء سنة ماضية. ولولا أن الله سبحانه حكم في سابق علمه أنه لا يفضح الضمائر إلا يوم تُبلى السرائر، لفضح أسرار البطالين. وأظهر منار الذاكرين من السائرين أو الواصلين. لكنه سبحانه أخر ذلك بحكمته وحلمه، إلى يوم الدين. والله تعالى أعلم.
ثم بيَّن أصل الأعمال وأفضلها، وهي الاستقامة، فقال: { فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ }.