يقول الحقّ جلّ جلاله: { والله أنزل من السماء ماءً؛ مطرًا { فأحيا بِهِ الأرض بعد موتها }؛ أنبت فيها أنواع النبات بعد يبسها، فكانت هامدة غبْراءٍ، غير منبتة، شبيهة بالميت، فصارت، بعد إنزال المطر، مخضرة مهتزة رابية شبيهة بالحي. { إن في ذلك لآيةً لقوم يسمعون } سماع تدبر وإنصاف؛ فإن هذه الآية ظاهرة، تُدرك بأدنى تنبيه وسماع، غير محتاجة إلى كثرة تفكر واعتبار.
الإشارة: والله أنزل من سماء الغيوب ماء العلوم النافعة، فأحيا به أرض النفوس الميتة بالغفلة والجهل، فصارت مبتهجة بأنوار التوحيد وأسرار التفريد، وفي ذلك يقول الشاعر:
إنَّ عرفَان ذي الجلال لعزٌ وضياءٌ وبهجة وسُرور
وعلى العارفين أيضًا بَهَاءٌ وعليهمْ من المحبَّة نُور
فَهنيئًا لمــن عرفـك إلهـي هو والله دهرَه مسرورُ
ثمَّ ذكر دليلاً آخر.