التفاسير

< >
عرض

سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّٰهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل للَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
١٤٢
-البقرة

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

يقول الحقّ جلّ جلاله: { سيقول السفهاء من الناس } الذين لا عقل لهم ولا دين، حين تحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة: ما صرفهم { عن قبلتهم التي كانوا عليها }، فلو دام عليها لاتبعناه. { قل } لهم يا محمد: { لله المشرق والمغرب } لا يختص ملكه بمكان دون مكان بخاصية ذاتيه تمنع من إقامة غيره مقامه، بل الأماكن عند الله سواء: والخلق في حقه سواء، { يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم }، ويضل مَن يشاء عن المنهاج القويم "لاَ يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ" [الأنبيَاء: 23]، والصراط المستقيم: ما ترتضيه الحكمة وتقتضيه المصلحة من التوجه إلى بيت المقدس تارة، والكعبة أخرى، وفائدة تقديم الإخبار به: توطين النفس وإعداد الجواب. قاله البيضاوي.
قال بعض العارفين: (لي أربعون سنة ما أقامني الحق في شيء فكرهته، ولا نقلني إلى غيره فسخطته). بخلاف السفهاء من الجهال، فشأنهم الإنكار عند اختلاف الأحوال، فمن رأوه تجرد عن الأسباب وانقطع إلى الكريم الوهاب، قالوا: ما ولاَّه عن حاله الذي كان عليه؟ وأكثروا من الاعتراض والانتقاد عليه، وكذلك من رأوه رجع إلى الأسباب بعد الكمال، قالوا: قد انحط عن مراتب الرجال. وهو إنما زاد في مراتب الكمال. فالملك كله لله، يهدي مَن يشاء إلى الصراط مستقيم، ويضلّ مَن يشاء بعدله الحكيم.