التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ
٩٣
-البقرة

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

قلت: { إن كنتم }: شرط حذف جوابه، أي: إن كنتم مؤمنين فبئس ما يأمركم به إيمانكم.
يقول الحقّ جلّ جلاله: { و } اذكروا أيضاً { إذ أخذنا ميثاقكم } أن تعملوا بالتوراة فأبيتم { ورفعنا فوقكم } جبل { الطور } وقلنا: { خذوا ما آتيناكم بقوة } واجتهاد { واسمعوا } ما أقول لكم فيه { قالوا } بلسان حالهم: { سمعنا } قولك { وعصينا } أمرك، حيث لم يمتثلوا، أو بلسان المقال لسوء أدبهم، { وأُشربوا في قلوبهم } حب { العجل } حتى صبغ فيها ورسخ رسوخ الصبغ في الثوب، لأنهم كانوا مُجَسِّمَةً، ولم يروا منظراً أعجب من العجل الذي صنعه السامري، { قل } لهم يا محمد: { بئسما يأمركما به إيمانكم } بالتوراة الذي ادعيتموه، { إن كنتم مؤمنين }، لكن الإيمان لا يأمر بهذا فلستم مؤمنين.
الإشارة: يقول الحقّ جلّ جلاله لمن ادعى كمال الإيمان، وهو منكر على أهل الإحسان، مع إقامته على عوائد نفسه، وكونه محجوباً بشهود حسه: وإذا أخذنا ميثاقكم، بأن تجاهدوا نفوسكم، وتخرقوا عوائدكم لتدخلوا حضرة ربكم، ورفعنا فوق رؤوسكم سيوف التخويف، أو جبال التشويق، وأوضحنا لكم سواء الطريق، وقلنا لكم: خذوا ما آتيناكم من خرق العوائد، واكتساب الفوائد، بجد واجتهاد، فأبيتم وعزَّت عليكم نُفوسكم، وقلتم بلسان حالكم: سمعنا وعصينا، وأشربت قلوبكم حب العاجلة، وآثرتم الدنيا على الآخرة، بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين.