التفاسير

< >
عرض

لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَأْوَٰهُمُ ٱلنَّارُ وَلَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
٥٧
-النور

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

يقول الحق جل جلاله: { لا تحسَبنَّ الذين كفروا مُعْجِزِينَ } أي: فائتين الله عن إدراكهم وإهلاكهم، في قُطْرٍ من أقطار الأرض، بل لا بد من أخذهم، عاجلاً أو آجلاً، والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم أو لكل سامع. و { الذين }: مفعول أول، و (معجزين): مفعول ثان. وقرأ حمزة والشامي بالغيب، و (الذين): فاعل، والأول، محذوف، أي: لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم معجزين { في الأرض }. و { مأواهم النار }: معطوف على محذوف، أي: بل هم مُدْرَكُونَ، { ومأواهم النار } أي: مسكنهم ومرجعهم، { ولبئس المصيرُ } أي: والله لبئس المرجع هي. وفي إيراد النار، بعنوان كونها مأوى ومصيراً لهم، إثر نفي قوتهم بالهرب في الأرض كل مهرب، من الجزالة ما لا غاية وراءه. والله تعلى أعلم.
الإشارة: لا تحسبن أهل الانتقاد على أولياء الله أنهم فائتون، بل لا بد من غيرة الله عليهم، عاجلاً أو آجلاً، في الظاهر أو الباطن، ومأواهم نار القطيعة ولبئس المصير. وقال القشيري على هذه الآية: الباطل قد تكون له صَوْلَةٌ لكنه يختل، وما لذلك بقاء، ولعل لبثه من عارض الشتاء في القيظ، أي: الحر. هـ. والله تعالى أعلم.
ثم تمَّم الكلام على الاستئذان المتقدم ووسط بينهما مواعظ تحث على الامتثال، فقال: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ... }