التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٤٣
-القصص

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

يقول الحق جل جلاله: { ولقد آتينا موسى الكتاب }: التوراة { من بعدما أهلكنا القرونَ الأولى }؛ قوم نوح وهود وصالح ولوط - عليهم السلام -، حال كون الكتاب { بصائرَ للناس }؛ أنواراً لقلوبهم، يتبصرون الحقائق، ويُميزون بين الحق والباطل. فالبصيرة: عين القلب، الذي يبصر بها الحق، ويهتدي إلى الرشد والسعادة. كما أن البصر عين الرأس التي يُبصر بها الحسيات، أي: آتيناه التوراة، أنواراً للقلوب التي كانت عمياً لا تستبصر ولا تعرف حقاً من باطل، { وهدىً }؛ وإرشاداً إلى الشرائع؛ لأنهم كانوا يخبطون في الضلال. { ورحمةً } لمن اتبعها؛ لأنهم، إذا عملوا بها، وصلوا إلى نيل الرحمة، { لعلهم يتذكرون }، أي: ليكونوا على حال يُرجَى منهم التذكر والاتعاظ. وبالله التوفيق.
الإشارة: إنما تطيب المنازل؛ إذا خلت من الأجانب والأراذل. وأطيب عيش الأحباب؛ إذا غابت عنهم الرقباء وأهل العتاب، فلما أهلك الله فرعونَ وجنوده وأورث بني إسرائيل ديارهم، ومحى عن جميعها آثارهم، طاب عيشهم، وظهرت سعادتهم، وتمكنوا من إقامة الدين. وكذلك أهل التوجه إلى يوم الدين.
ثم ذكر دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم بعد ذكر قصة موسى لاشتراكهما في شدة المعالجة، فقال: { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ... }