التفاسير

< >
عرض

يسۤ
١
وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ
٢
إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ
٣
عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٤
-يس

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
يقول الحق جلّ جلاله: { يس } أيها السيد المفخم، والمجيد المعظم، { و } حق { القرآن الحكيم } المحكم { إِنك لمن المرْسلين } وفي الحديث:
"إن الله تعالى سمّاني في القرآن بسبعة أسماء: محمد، وأحمد، وطه، ويس، والمزّمّل، والمدّثر، وعبد الله" ، قيل: ولا تصح الاسمية في يس؛ لإجماع القراء السبعة على قراءتها ساكنة، على أنها حروف هجاء محكية، ولو سمي بها لأعربت غير مصروفة، كهابيل وقابيل، ومثلها "طس" و "حم" كما قال الشاعر:

لما سمى بها السورة فهلا تلى حميمَ قبل التكلم

فدلَّ على أنها حروف حال التلاوة. نعم قد قُرىء "يسُ" بضم النون، ونصبها، خارج السبعة، وعلى ذلك تخرج بأن اللفظ اسم للسورة، كأنه قال: اتل يس، على النصب، وعلى أنها اسم من أسمائه صلى الله عليه وسلم، وتوجه في قراءة الضم على النداء. هـ. قلت والظاهر إنها حروف مختصرة من السيد، على طريق الرمز بين الأحباء، إخفاء عن الرقباء.
ثم أقسم على رسالته، ردّاً على مَن أنكره بقوله: { والقرآنِ الحكيمِ } أي: ذي الحكمة البالغة، أو: المحكم الذي لا ينسخه كتاب، أو: ذي كلام حكيم، فوصف بصفة المتكلم به، { إِنك لَمِنَ المرسلين } مِن أعظمهم وأجلِّهم. وهو ردٌّ على مَن قال من الكفار:
{ { لَسْتَ مُرْسَلاً } [الرعد: 43]. { على صراطٍ مستقيمٍ } أي: كائناً على طريق مستقيم، يوصل مَن سلكه إلى جوار الكريم، فهو حال من المستكن في الجار والمجرور. وفائدته: وصف الشرع بالاستقامة صريحاً، وإن دلَّ عليه: { إِنك لمن المرسلين } التزاماً، أو: خبر ثان لإن. والله تعالى أعلم.
الإشارة: قال القشيري: يس، معناه: يا سيد ـ رقَّاه أشرف المنازل، وإن لم يسم إليه بطرق التأميل، سُنَّة منه سبحانه أنه لا يضع أسراره إلا عند مَن تقاصرت الأوهام عن استحقاقه، ولذلك قَضوا بالعَجَب في استحقاقه، وقالوا: كيف آثر يتيم أبي طالب من بين البرية، ولقد كان ـ صلوات الله عليه ـ في سابق اختياره تعالى مقدّماً على الكافة من أشكاله وأضرابه، وفي معناه قيل:

هذا وإن أصبح في أطمار وكان في فقر من اليسار
آثرُ عندي من أخي وجاري وصاحب الدرهم والدينار
وصاحب الأمر مع الإكثار

قال الورتجبي: قيل: الياء: الياء تُشير إلى يوم الميثاق، والسين تُشير إلى سره مع الأحباب، فقال: بحق يوم الميثاق، وسرى مع الأحباب، وبالقرآن الحكيم، إنك لَمن المرسلين يا محمد هـ.
وجاء:
"إن قلب القرآن يس، وقلبه: { سلام قولاً من رب رحيم } " .قلت: وهو إشارة إلى سر القربة، الداعي إليه القرآن، وعليه مداره، وحاصله: تسليم الله على عباده كِفاحاً، لحياتهم به، وأنسهم بحديثه وسره. وقيل: لأن فيه تقرير أصول الدين. قاله في الحاشية الفاسية.
ثم فسّر القرآن، المُقسَم به، فقال: { تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ.... }