التفاسير

< >
عرض

أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ ٱلْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيراً
٥٣
-النساء

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

قلت: { أم }: منقطعة، بمعنى بل، والهمزة للإنكار، وهو إنكار وجحدٌ لما زعمت اليهود من أنَّ المُلكَ سيصيرُ لهم، و { إذًا } إن فُصل بينها وبين المضارع، بـ"لا" ففيها الإهمال والإعمال، وقد قرىء: (وإذًا لا يلبثوا)، والنقير: النقرة التي في ظهر النواة، وهو هنا كنابة عن نهاية بخلهم.
يقول الحقّ جلّ جلاله: مُنكِرًا على اليهود: أيحصل لهم { نصيب من المُلك } والرياسة؟ هيهات، لا يكون هذا أبدًا، فكيف يكون لهم الملك وهم أبخل الناس؟. فإذا أُوتوا شيئًا من الملك لا يُعطون الناس نقيرًا، فما بالك بأكثر، والملك والنصر ولا يكونان إلا لأجل الكرم والجود والشجاعة، وإصابة الرأي وحسن التدبير، وهم بعداء من هذه المكارم.
الإشارة: لا يُمكن اللهُ من العز والنصر والتصرف الظاهر أو الباطن إلا أهل السخاء والجود، فمن جاد بمالِهِ حتى لا يبالي كم أعطى ولا لمن أعطى، مكّنه الله من العز والتصرف الحسي، ومن جاد بنفسه وجاهه، وبذلهما في مرضاة ربه، مكّنه الله من العز والنصر والتصرف المعنوي؛ يتصرف بهمته في الوجود بأسره، من عرشه إلى فرشه، ويدوم عزه ونصره أبد الأبد. والله تعالى أعلم.