التفاسير

< >
عرض

وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ ٱلآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ
٥٥
-الأنعام

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

قلت: قرىء بتاء الخطاب، ونصب السبيل؛ على أنه مفعول به، وقرىء بتاء التأنيث ورفع السبيل؛ على أنه فاعل مؤنث، وبالياء والرفع؛ على تذكير السبيل؛ لأنه يجوز فيه التذكير والتأنيث.
يقول الحقّ جلّ جلاله: { وكذلك نُفصل الآيات } أي: ومثل ذلك التفصيل الواضح نفصل الآيات، أي: نشرح آيات القرآن ونوضحها في صفة المطيعين والمجرمين، والمصرين والأوابين، ليظهر الحق، ولتستوضح يا محمد { سبيل المجرمين } فتعاملهم بما يحق لهم من الإبعاد إن بَعُدوا، أو الإقبال إن أقبلوا. أو لتتبين طريقهم ويظهر فسادها ببيان طريق الحق.
الإشارة: سبيل المؤمنين من أهل اليمين، هو التمسك بظاهر الشريعة المحمدية؛ بامتثال الأمر واجتناب النهي، والمبادرة إلى التوبة، إن أخل بأحد الأمرين من غير تحرِّ لما وراء ذلك، وسبيل المتوجهين من السائرين والواصلين: تصفية القلوب وتهيؤها لإشراق أسرار علم الغيوب؛ بتخليتها من الرذائل وتحليتها بأنواع الفضائل؛ لتتهيأ بذلك لطلوع شموس العرفان، والدخول في مقام الكشف والعيان، الذي هو مقام الإحسان، وما خرج عن هذين السبيلين فهو سبيل المجرمين: إما بالكفر، وإما بالإصرار على العصيان، والعياذ بالله.
ثم نهى عن سلوك هذا السبيل ـ أعني سبيل المجرمين ـ فقال: { قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ }.