التفاسير

< >
عرض

وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي ٱلأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
٢٦
-الأنفال

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

يقول الحق جل جلاله: { واذكروا إذ أنتم قليل } أي؛ اذكروا هذه النعمة، حيث كنتم بمكة وأنتم قليل عَددكم مع كثرة عدوكم، { مستضعفون في الأرض } أي: أرض مكة، يستضعفكم قريش ويعذبونكم ويضيقون عليكم، { تخافون أن يتخطفكم الناسُ } أي: قريش، أو من عداهم، { فآواكم } إلى المدينة، وجعلها لكم مأوىً تتحصنون بها من أعدائكم، { وأَيَّدكم } أي: قواكم { بنصره } على الكفار، أو بمظاهرة الأنصار، أو بإمداد الملائكة يوم بدر، { ورزَقكم من الطيبات }؛ من الغنائم، { لعلكم تشكرون } هذه النعم.
والخطاب للمهاجرين، وقيل: للعرب كافة؛ فإنهم كانوا أذلاء في أيدي فارس والروم، يخافون أن يتخطفهم الناس من كثرة الفتن، فكان القوي يأكل الضعيف منهم، فآواهم الله إلى الإسلام، فحصل بينهم الأمن والأمان، وأيدهم بنصره، حيث نصرهم على جميع الأديان، وأعزهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، ورزقهم من الطيبات، حيث فتح عليهم البلاد، وملكوا ملك فارس والروم، فملكوا ديارهم وأموالهم، ونكحوا نساءهم وبناتِهم، لعلهم يشكرون.
الإشارة: التذكير بهذه النعمة يتوجه إلى خصوص هذه الأمة، وهم الفقراء المتوجهون إلى الله، فهم قليل في كل زمان، مستضعفون في كل أوان، حتى إذا تمكنوا وتهذبوا، وطهروا من البقايا منَّ عليهم بالنصر والعز والتأييد، كما وعدهم بقوله:
{ { وَنُرِيدُ أًن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ فىِ الأَرضِ... } } [القصص:5] الآية، والغالب عليهم شكر هذه النعم، لَمَا خصهم به من كمال المعرفة. والله تعالى أعلم.
ثم نهاهنم عن الخيانة، فقال: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ }.