التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٦٤
-الأنفال

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

قلت: (حسبك): مبتدأ، و(الله): خبر، ويصح العكس، و(من اتبعك): إما عطف على (الله)، أي: كفاك الله والمؤمنون، أو في محل نصب على المفعول معه، أو في محل جر؛ عطف على الضمير، على مذهب الكوفيين، أي: حسبك وحسب من اتبعك الله، والأول: أصح.
يقول الحق جل جلاله: { يا أيها النبي حَسْبُكَ الله } أي: كافيك الله، فلا تلتفت إلى شي سواه، أي: لَمّا مَنَنْتُ عليك بائتلاف قلوب المؤمنين في نصرتك، فلا تلتفت إليهم في محل التوحيد، فإني حسبك وحدي بغير معاونة الخلق، فينبغي أن تفرد القدم عن الحدوث في سيرك مني إليَّ، وأنا حسب المؤمنين عن كل ما دوني، وإن كان مَلَكاً مقرباً أو نبياً مرسلاً، ولا ينبغي في حقيقة التوحيد النظر إلى غيري، إنما أيدتك بواسطة المؤمنين، وذَكَرتُهم معي؛ تشريفاً لأمتك، وستراً لقدرتي، وإظهار لكمال حكمتي، وإلا فقدرتي لا يفوتها شيء، ولا تتوقف على شيء؛ "جل حكم الأزل أن يضاف إلى العلل".
قال البيضاوي: نزلت الآية تأييداً في غزوة بدر، وقيل: أسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة وثلاثون رجلاً وست نسوة، ثم أسلم عمر رضي الله عنه. فنزلت. ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت في إسلامه.
الإشارة: ما خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب به ورثته الكرام، من الاكتفاء بالله وعدم الالتفات إلى ما سواه، وتصحيح عقد التوحيد، والاعتماد على الكريم المجيد. والله تعالى أعلم.
ثم أمر بالتحريض على الجهاد، فقال: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ }.