التفاسير

< >
عرض

فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ
٢١
لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ
٢٢
إِلاَّ مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ
٢٣
فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلأَكْبَرَ
٢٤
إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ
٢٥
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ
٢٦
-الغاشية

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

يقول الحق جلّ جلاله: { فَذَكِّر } الناس بالأدلة العقلية والنقلية، { إنما أنت مُذكِّّر } ليس عليك إلاَّ التبليغ { لستَ عليهم بمصيطرٍ }؛ بمسلط، كقوله: { { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ } [قَ:45]، وفيه لغات: السين، وهي الأصل، والصاد، والإشمام. { إِلاَّ مَن تولَّى وكَفَرَ فيعذبه اللهُ العذابَ الأكبر }، الاستثناء منقطع، أي: لست بمُسلط عليهم، تقهرهم على الإيمان، لكن مَن تولى وكفر، فإنَّ لله الولاية والقهر، فهو يعذبه العذاب الأكبر، وهو عذاب جهنم، وقيل: متصل من قوله: (فذكر) أي: فذَكِّر إلاَّ مَن انقطع طمعك من إيمانه وتولَّى، فاستحق العذاب الأكبر، وما بينها اعتراض.
{ إِنَّ إِلينا إِيابهم }؛ رجوعهم، وفائدة تقديم الظرف: التشديد في الوعيد، وأنَّ إيابهم ليس إلاَّ للجبّار المقتدر على الانتقام، { ثم إِنَّ علينا حسابهم } فنُحاسبهم على أعمالهم، ونجازيهم جزاء أمثالهم، و"على" لتأكيد الوعيد لا للوجوب، إذ لا يجب على الله شيء. وجمع الضمير في إيابهم وحسابهم، باعتبار معنى "من"، وإفراده فيما قبله باعتبار لفظها، و"ثم" للتراخي في الرتبة لا في الزمان، فإنَّ الترتيب الزماني إنما هو بين إيابهم وحسابهم لا بين كون إيابهم إليه تعالى وحسابهم. انظر أبا السعود.
الإشارة: ما قيل للرسول يُقال لخلفائه من أهل التذكير، ومَن تولَّى منهم يُعذَّب بعذاب الفرق والحجاب وسوء الحساب. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.