التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
١١
-يونس

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ }.
قوله: { ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ } تقديره عند سيبويه: "تعجيلاً مثل استعجالهم بالخير" ثم حذف تعجيلاً، وأقام صفته (مقامه)، ثم حذف صفته وأقام المضاف إليه مقامه، وحكى "زيد: شرب الإبل" أي: يشرب شرباً مثل شرب الإبل.
وقال الأخفش والفراء: التقدير: { وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ } الشر مثل استعجالهم / بالخير، ثم حذف المضاف. ويلزمهما على هذا أن يجيزا. زيد الأسَد فينصب "الأسَد" أي: مثل الأسَد. وهذا لا يجيزه أحدٌ.
ومعنى الآية: ولو يعجل الله للناس إجابة دعائهم في الشر - أي: فيما عليهم فيه مضرة في نفس، أو مال، أو ولد، وذلك عند الغضب - كما يستعجلون بالخير إذا دعوا في سؤالهم الرحمة، والرزق.
{ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } أي: لماتوا. قال مجاهد: هو قول الإنسان لولده، ولماله إذا غضب: اللهم لا تُبَارِكْ فِيهِ والْعَنْهُ ونحو ذلك، ولو عجل الله الإجابة فيه كما يريدون أن تستعجل لهم الإجابة في الخير إذا دَعَوا لأهلكهم.
وقد قيل: إن هذا إنما هو قولهم:
{ { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال: 32]. فلو عجل لهم ذلك لهلكوا.
ثم قال تعالى: { فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } (معناه): ندع الذين لا يخافون البعث، لا نُهْلِكُهُم إلى مدتهم، ولكن نذرهم { فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } أي: في ضلالتهم يَتَحَيَّرُونْ. وهو مثل قوله:
{ { إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً } [آل عمران: 178].