تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه
قوله: { هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } إلى قوله { خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }.
والمعنى: والله عز وجل يحيي ويميت، فلا يتعذر عليه إحياؤهم بعد مماتهم. { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }.
و "ألا" في جميع هذا تنبيه.
ثم قال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ }: وهو القرآن، يذكركم عقاب الله عز وجل، وثوابه، جلت عظمته.
{ مِّن رَّبِّكُمْ }: أي: لم يختلق ذلك محمد، بل هو من عند الله عز وجل، { وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ }: أي: دواء لما في الصدور من الجهل بالله سبحانه، وآياته، وفرائضه، وطاعته، ومعاصيه.
{ وَهُدًى }: أي: "وبيان لحلاله وحرامه".
{ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } أي: يرحم به من يشاء من خلقه، فينقذه به من الضلالة إلى الهدى، فهو رحمة للمؤمنين، وعمى للكافرين، كما قال: { { وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى } [فصلت: 44].
ثم قال تعالى: قل - يا محمد - { بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ } أي: بفضل الله عز وجل، وهو الإسلام الذي تفضل على العباد المؤمنين بالهداية إليه وبرحمته سبحانه التي رحمكم، فاستنقذكم من الضلالة. { فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ }:
وعن ابن عباس أنه قال: فضل الله عز وجل القرآن، ورحمته سبحانه أن جعلهم من أهل القرآن. وهو قول مجاهد.
والعرب تأتي "بذلك" للواحد والاثنين والجمع، وهو هنا للاثنين. وقرأ يزيد ابن القعقاع: "فلتفْرَحُوا" بالتاء، ورواها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ أُبَيّ بالتاء في الحرفين. وفي حرف أبَي: "فبذلك فافرحوا".
وقيل: الفضل هنا الإسلام، والرحمة: القرآن، قاله ابن عباس، وقتادة. وقال أبو سعيد الخدري الفضل: القرآن، والرحمة: أن جعلكم من أهله.
وروي عن ابن عباس أيضاً: الفضل: القرآن، والرحمة: الإسلام. وهو قول زيد ابن أسلم، والضحاك.
{ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } أي: من الأموال. ومن قرأ "فلتفرحوا" بالتاء، ويجمعون بالياء. فمعناه: فبذلك فافرحوا يا أيها المؤمنون. هو خير مما يجمع الكفار من الأموال.
ومن قرأهما بالتاء، فعلى المخاطبة للمؤمنين.
ومن قرأهما بالياء، فعلى الأمر للكفار: أي: فبالقرآن، والإسلام فليفرح هؤلاء المشركون. { هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }: من الأموال. { { مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [يونس: 55]: وقف.
{ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ }: وقف عند أحمد بن جعفر.