التفاسير

< >
عرض

فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنْذَرِينَ
٧٣
ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُمْ بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلوبِ ٱلْمُعْتَدِينَ
٧٤
ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ مُّوسَىٰ وَهَـٰرُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ بِآيَـٰتِنَا فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ
٧٥
فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ
٧٦
قَالَ مُوسَىٰ أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هَـٰذَا وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُونَ
٧٧
قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ
٧٨
-يونس

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ } إلى قوله { وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ }.
والمعنى "فكذب نوحاً قومه فيما أخبركم به على الله عز وجل من الرسالة".
{ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ }: أي: ممن آمن في الفلك، وهي السفينة.
{ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ }: أي: جعلنا من معه ممن حمل في السفينة خلائف: أي: يخلفون من أهلك من قومه، وهو جمع خليفة.
{ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا }: أي: بحُجَجِنا وأدلتنا.
فانظر يا محمد { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنْذَرِينَ }: الذين أنذرهم نوح. فكذبوه. فليحذر هؤلاء الذين كذبوا بك مثل ما نزل بقوم نوح.
قوله: { ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ }: أي: بعثنا بعد نوح كل رسول إلى قومه، { فَجَآءُوهُمْ بِٱلْبَيِّنَٰتِ }: وهي العلامات الواضحات الدالة على صدقه فيما يقول، وما يدعو إليه.
{ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ - بذلك - كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلوبِ ٱلْمُعْتَدِينَ }: أي: كما طبعنا على قلوب قوم نوح، كذلك نطبع على قلوب من اعتدى فتجاوز أمر ربه، وكفر به.
{ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ مُّوسَىٰ }: أي: من بعد الرسل التي بعثت من بعد نوح { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ }: أي: وأشراف قومه، فاستكبروا عن الإقرار بآياتنا { وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ }: أي: آثمين بكفرهم.
{ فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا }: أي: جاءهم ما لا يشكون في أنه حق قالوا: إن الله الذي جئت به { لَسِحْرٌ مُّبِينٌ }: ظاهر، قال لهم موسى: { أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هَـٰذَا }.
قال الأخفش: أسحر هذا: حكاية لقولهم.
وقيل: إن الألف دخلت، لأنهم تعجبوا، واستعظموا ما أتاهم به موسى، فقالوا: أسحر هذا على الاستعظام، لا على الاستخبار.
وقيل: إن السحر من قوم موسى مُنْكر على فرعون وملئه إذ قالوا: هذا سحرٌ. وفي الكلام حذف. والتقدير: قال موسى: { أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هَـٰذَا }: فقولهم محذوف دلَّ عليه قول موسى على طريق الإنكار لما قالوا: { وَلاَ يُفْلِحُ / ٱلسَّاحِرُونَ }: أي: لا ينجحون.
{ قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا }: أي: لتصرفنا، وقيل: لتلوينا.
وقيل: لتعدلنا. والمعنى متقارب.
{ عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا }: من عبادة الأصنام.
{ وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآءُ }: أي: الملك وقيل: السلطان.
وقال الضحاك: الطاعة، وقيل: العظمة. والمعاني متقاربة. { وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ }: أي: بمصدقين أنكما رسولان لله عز وجل.