قوله: { قَالُواْ يٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِيۤ آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ } - إلى قوله - { صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } والمعنى: ما جئتنا ببرهان على قولك، فنترك آلهتنا لقولك، وما نؤمن لك، فنصدقك بما جئتنا به. ما نقول { إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ }: أي: أخذك خبل من عند بعض آلهتنا لطعنك عليها، وسبك لها: أي: جنون.
قال لهم هود: { إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوۤاْ } أنتم { أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ }: أي: من آلهتكم التي تعبدون من دون الله سبحانه. { فَكِيدُونِي جَمِيعاً }: أي: احتالوا في كيدي، أنتم وألهتكم التي تعبدون ثم لا تؤخروا ذلك عني.
{ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ }: أي: فوضت أمري إلى مالكي، ومَالِكِكُم. { مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ } أي: ليس من شيء يدب على الأرض إلا والله عز وجل، مالكه.
وخص ذكر الناصية دون سائر الأعضاء، لأن العرب تستعمل ذلك فيمن وصفته بالذلة والخضوع: تقول: ما ناصية فلان إلا بيدي: أي: هو مطيع لي أصرفه كيف أشاء.
وقيل: إنما خص ذكر الناصية، لأنهم كانوا إذا أسروا أسيراً، وأرادوا المَنَّ عليه، جَزُّوا ناصيته، ليعتدُّوا بذلك / فخراً، فخوطبوا بعادتهم. وكل ما فيه الروح يقال له: داب ودابة، فتدخل الهاء للمبالغة.
ثم قال: { إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي: على الحق. والصراط في اللغة: المنهاج الواضح.