التفاسير

< >
عرض

إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ
١
وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً
٢
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً
٣
-النصر

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله تعالى: { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } إلى آخرها.
العامل في { إِذَا جَآءَ } على ما تقدم في { إِذَا زُلْزِلَتِ }. والمعنى: إذا جاء - يا محمد - نصر الله إياك على قومك { وَٱلْفَتْحُ } أي فتح مكة.
{ وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ... } في صنوف قبائل العرب { يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً }، أي: الإسلام الذي بَعَثْتُكَ بِه { أَفْوَاجاً }، أي: زمراً زمراً.
قال ابن عباس:
"بَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي الْمدِينة إذا قال: الله أكبر، الله أكبر، جاء نصر الله والفتح، جاء أَهْلُ اليَمَنِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، وَمَا أَهْلُ الْيَمَنِ؟ قال: قَوْمٌ رَقِيقَةٌ قلُوبُهُمْ، لَيّنَةٌ [طِبَاعُهُمْ]، الإيمان يَمَانٌ والْحِكْمَة يَمَانِيه" [قالت عائشة رضي الله عنها: "مَا صَلّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم صلاةً بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ: { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } إِلاَّ يَقُولُ فِيهَا: سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي" .
وروي عنها "أنه عليه السلام كان يقول ذلك في ركوعه وسجودة يَتَأَوَّلُ القرآن" . وسئل عمر عن قوله { وَٱلْفَتْحُ }، فقال: فتح المدائن والحصون، فقال لابن عباس: ما تقول؟ قال: أَجَلْ، هو مثل ضُرِبَ لمحمد، نُعِيَتْ له نفسه.
وقالت عائشة رضي الله عنها:
"كَان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه. قالت: فقلت: يا رسول الله، أراك تكثر من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه! فقال: خبرني ربي جل ثناؤه أني سأرى علامة في أمتي، فإذا رأيتها أكثرت من قول سبحان الله وبحمده وأستغفر الله وأتوب إليه، فقد رأيتها، { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ }، (فتح) مكة { وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً }" .
وقال ابن عباس: سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن قول الله { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ }، فقالوا: فتح المدائن والقصور / قال: فأنت يا ابن عباس ما تقول؟ قال: فقلت: هو مثل ضرب لمحمد صلى الله عليه وسلم نعيت له نفسه.
وروي عنه أنه قال: هذه السورة علم وحد حده (الله لنبيه) ونعى له نفسه، (أي) إنك لن تعيش بعد هذا إلا قليلاً.
قال قتادة: "والله، ما عاش بعد ذلك إلا قليلاً، سنتين، ثم توفي صلى الله عليه وسلم". وهو قول ابن مسعود ومجاهد والضحاك ومعنى { وَٱسْتَغْفِرْهُ }: واسأله المغفرة.
{ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً }.
(أي): إن الله لم يزل ذا رجوع لعبده المطيع إلى ما يحب. وقوله: { وَٱسْتَغْفِرْهُ } وقف كاف عند أبي حاتم.