التفاسير

< >
عرض

ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ
١٠٢
وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ
١٠٣
وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ
١٠٤
وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ
١٠٥
-يوسف

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ } إلى قوله { وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } معنى الآية: أن الله (عز وجل) يقول لنبيه عليه السلام (إن) الذي اقتصصنا عليك من خبر يوسف، ويعقوب من أخبار الغيب الذي لم تشاهدها، ولا عاينتها يا محمد.
ثم قال: { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ }: أي عند إخوة يوسف { إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ } على إلقاء يوسف في الجب. وهو مكرهم بيوسف.
ثم قال (تعالى) { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ } يعني: مشركي قريش بمؤمنين، ولو حرصت على إيمانهم، ولكن الله (عز وجل) يهدي من يشاء.
(ثم قال تعالى): { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ }: أي: لست تسأل قريشاً يا محمد أجراً) على دعائك إياهم إلى الإيمان. فيقولون لك: إنما تريد بدعائك إيانا إلى الإيمان أخذ أموالنا، وإذا كان حالك أنك لا تريد منهم جزاء، فالواجب عليهم أن يعلموا أن دعاءك لهم نصيحة منك لهم، وأتباعاً لأمر ربك.
{ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ }: أي: ما الذي أرسلك به ربك إلا عظة للعالمين.
ثم قال (تعالى): { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا }: المعنى وكم يا محمد من علامة، ودلالة، وعبرة، وحجة في السماوات والأرض: كالشمس، والقمر، والنجوم، والجبال (والبحار) والنبات، وغير ذلك من آيتهما يُعاينونها، فيمرون عليها، وهم معرضون، لا يعتبرون بها، ولا يتفكرون بها. وفيما دلّت عليه من توحيد خالقها عز وجهه.
وقرأ السدي: { وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا } (بالنصب).
(و) الوقف على هذه القراءة، على [السماوات] تمام.
[و] النصب على إضمار فعل بمنزلة: "زيد أنزلت عليه"، كأنه قال:
ويغشون (الأرض) يمرون عليها، أو "ويلامسون الأرض" يمرون عليها، وشبه ذلك من الإضمار. وهو مثل
{ { وَٱلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [الإنسان: 31].
وذكر الأخفش رفع "الأرض" على الابتداء، ويكون الوقف على / "السماوات" حسناً أيضاً على هذا.
وقد تقدم القول في
{ { وَكَأَيِّن } [آل عمران: 146] من آل عمران.
وقد ذكر الفراء أن "كائن" على قراءة ابن كثير: فاعل من "الكون" فيحسن الوقف على "النون"، لأنها لام الفعل.
وذكر الأخفش أن قوله:
{ { سَبِيلِيۤ أَدْعُواْ إِلَىٰ ٱللَّهِ } [يوسف: 108]: تمام، وتابعه على ذلك أبو حاتم، وهو مروي عن نافع. ويبتدأ: { { عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي } [يوسف: 108] فيكون "أنا" ابتداء، والمجرور: الخبر.
وقال عبيدة: { أَنَاْ } تأكيد للضمير في { أَدْعُواْ }، فتكون { عَلَىٰ بَصِيرَةٍ } متصلاً بأدعو، ويكون التمام على هذا: { ٱلْمُشْرِكِينَ }.