التفاسير

< >
عرض

فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً
١١
ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً
١٢
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى
١٣
وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً
١٤
-الكهف

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً } إلى قوله: { إِذاً شَطَطاً }.
المعنى: وضربنا على آذانهم بالنوم، أي ألقينا النوم عليهم. وإنما ذكر الأذان لأن النوم يمنعهم من السماع. وأتى في هذا ضرب بمعنى ألقى. كما يقال: ضربك الله بالفالج، أي: ألقاه عليك وابتلاك.
وقوله: { عَدَداً } توكيد لسنين وقيل: أتى بأنه لا يفيد معنى الكثرة. لأن القليل لا يحتاج إلى عدد إذ قد عرف معناه ومقداره.
ثم قال: { ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ } أي: نبهناهم من نومهم { لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً } أي: لنعلم من يهتدي من عبادي بالبحث إلى مقدار مبلغ مكث الفتية في كهفهم والأمد الغاية.
وقد اختلف في مقدار إقامتهم طائفتان من الكفار من قوم الفتية، قاله مجاهد: وقيل: بل اختلف في ذلك طائفة مؤمنة وطائفة كافرة. وقيل: الحزبان أصحاب الكهف والقوم الذين كانوا أحياء في وقت بعثهم.
ومعنى: { لِنَعْلَمَ } أي: علم مشاهدة، وإلا فقد علم ذلك تعالى ذكره قبل خلق الجميع، ومعنى الكلام التوقف على النظر في معرفة مقدار لبثهم. كما تقول لمن أتى بالباطل: جئ ببرهانك حتى أعلم أنك صادق.
ومعنى: { أَمَداً } عدداً، قاله مجاهد، وقال: ابن عباس { أَمَداً }: بعيداً.
ثم قال: تعالى: { نَحْنُ نَقُصُّ [عَلَيْكَ] نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ } أي: نخبرك يا محمد خبرهم بالصدق واليقين.
{ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ }.
أي: إن الذين سألوك عن نبأهم [هم] فتية آمنوا بربهم، أي: صدقوا به ووحدوه.
{ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى }.
أي: إيماناً إلى إيمانهم وبصيرة، فهجروا دار قومهم وهربوا بدينهم إلى الله [عز وجل] وفارقوا ما كانوا فيه من النعيم في الله [تعالى].
ثم قال: تعالى: { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ }.
أي: ألهمناهم الصبر وشددنا قلوبهم بنور الإيمان حتى [عزفت] أنفسهم عما كانوا فيه من خفض العيش.
وقال: قتادة: { وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } بالإيمان حين { قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي: ملك السماوات [والأرض] { لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً } أي: لن نعبد معبودا سواه.
{ لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً }.
أي: لو قلنا: أنه يعبد غيره لقلنا جوراً من قول. وقليل "شططاً" غالياً من الكذب وقال: قتادة: "شططاً" كذباً. وقال: ابن زيد خطأ.
ويقال: قد أشط فلان في السوم، إذا جاوز القدر يشط إشطاطاً وشططاً.
ويقال: شط منزل فلان، إذا بعد، يشط شطوطاً.
ويقال: شطت الجارية تشط شطاطاً وشطاطة إذا طالت.
ويقال: شط الرجل وأشَطَّ إذا جار.
وقال: أبو عبيدة { إِذاً شَطَطاً } أي: جوراً وغلواً.