التفاسير

< >
عرض

ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً
٤٦
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً
٤٧
-الكهف

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } إلى قوله: { فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً }.
والمعنى المال والبنون الذي يفخر به عظماء قريش على الفقراء المؤمنين إذ سألوك يا محمد / أن تبعد الفقراء المؤمنين عن نفسك وتقرب الأغنياء زينة الحياة الدنيا دون الآخرة.
{ وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً }.
أي وما يعمل هؤلاء الفقراء من دعائهم ربهم [عز وجل] بالغداة والعشي يريدون وجهه.
{ وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً }.
أي ما يؤمل من عاقبة الدعاء إلى الله [عز وجل] هؤلاء الفقراء خير مما يؤمل هؤلاء الأغنياء المشركون من أموالهم وأولادهم.
وقيل: عنى بهذه الآيات من قوله:
{ { وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ } [الكهف: 27] إلى هذا الموضع: عيينة والأقرع، سألا النبي [صلى الله عليه وسلم] أن يطرد الضعفاء المؤمنين عن نفسه مثل سلمان وصهيب وخباب.
وقال ابن عباس: { وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ } الصلوات الخمس، وهو قول ابن جبير.
وقال: عثمان [بن عفان] رضي الله عنه [هي] سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، رواه عنه الحارث مولاه.
وقال: ابن عباس أيضاً: هي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وهو قول ابن المسيب وعطاء ومجاهد.
وزاد ابن المسيب فيها: ولا حول ولا قوة إلا بالله، وكذلك قال: ابن عمر لما سئل عنها مثل قول ابن المسيب، وهو قول محمد بن كعب القرطبي، وهو قول ابن مسعود، وهو مروي عن النبي عليه السلام.
وروي عن مجاهد أنه قال: هي التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير.
وروى أبو أيوب الأنصاري أن النبي عليه السلام قال:
"عرج بي إلى السماء فرأيت إبراهيم فقال: يا جبريل من هذا معك قال: محمد، قال: فرحب بي وسهل. ثم قال: مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة. فقلت: وما غراس الجنة؟ قال: لا حول ولا قوة إلا بالله" .
وروى أبو هريرة أن النبي عليه السلام قال: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هن الباقيات الصالحات" .
وروى أبو سعيد الخدري أن النبي عليه السلام قال: "استكثروا من الباقيات الصالحات، قليل وما هن يا رسول الله؟ قال: الملة. قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوة إلا بالله" .
وروى ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا جنتكم، قالوا: يا رسول الله من عدو و [قد] حصر. [قال] لا، جنتكم من النار. قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر يأتين يوم القيامة مقدمات ومعقبات ومنجيات من النار [هن] الباقيات الصالحات" .
وعن ابن عباس أنه قال: هي الأعمال الصالحات من الذكر وغيره. تبقى لأهلها في الجنة ما دامت السماوات والأرض. وقال: ابن زيد: هي الأعمال الصالحات.
وعن ابن عباس أيضاً: هي الكلام الطيب.
ثم قال: { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً }.
أي: واذكر يا محمد يوم تسير الجبال، أي يوم تبس الجبال بساً فنجعلها هباءً منبثاً { وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً }، أي: ظاهرة قد اجتنيت ثمارها وقلعت جبالها وهدم بنيانها، قاله مجاهد / وقتادة. وروى أن ذلك في يوم النفخة الأولى.
وقيل المعنى: قد أبرزت من فيها من الموتى الذين كانوا في بطنها فصاروا على ظهرها. فيكون على هذا النسب: أي وترى الأرض ذات بروز.
ثم قال: { وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً }.
أي: وجمعناهم إلى موقف الحساب فلم نترك منهم أحداً تحت الأرض. فهذا يدل على أن معنى { وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً } تبرز من في بطنها من الموتى على ظهرها.
وعن أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
"يحشر الناس حفاة عراة كما بدؤوا، وقالت أم سلمة: يا سوءتاه يا رسول الله هل ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: شغل الناس، قالت: قلت: وما شغلهم يا رسول الله؟ قال: نشروا الصحف فيها متى قيل الدر ومتى قيل الخردل" .