التفاسير

< >
عرض

لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ
٢٧٣
-البقرة

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ [ٱللَّهِ] }.
اللام متعلقة بقوله: { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ } للفقراء الذين من حالهم وقصتهم - { يُوَفَّ إِلَيْكُمْ }. وعني به فقراء المهاجرين بالمدينة. ومعنى: { أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ }: منعوا أنفسهم من التصرف وحبسوها على جهاد عدوهم. قاله قتادة وغيره.
وقال ابن زيد: "كانت الأرض للعدو، فلا يستطيعون تصرفاً فهم محصورون".
وقال السدي: "معناه: حصرهم المشركون بالمدينة".
{ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ }.
أي تقلباً ولا تصرفاً في المعاش والتجارات.
وقال ابن جبير: "نزلت في قوم أصابتهم جراحات في سبيل الله، فصاروا زمنى من أجل عدوهم، أو من أجل حرصهم على الجهاد والغزو.
قوله: { يَحْسَبُهُمُ }. بكسر السين وفتحها لغتان، ونظيره "نَعِمَ" و "يَئِسَ"، يأتي المستقبل بالفتح والكسر.
وحكى أبو إسحاق أن مثله عهد، يقال: يَعْهِدُ وَيَعْهَدُ.
ومعنى: { يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ }.
أي الجاهل بأمرهم وحالهم، أغنياء من تعففهم عن المسألة والتعرض لها.
تعرفهم يا محمد بعلاماتهم وهي السيماء وهي أثر السجود.
وقيل: هي الخشوع والتواضع. قاله مجاهد.
وقيل: هي أثر الفاقة والحاجة. قاله السدي.
وقال ابن زيد: "هي رثاثة ثيابهم، / لأن الجوع خفي".
ومن العرب من يمد السيماء، ومنهم من يقول سيماء بالمد وزيادة ياء بعد الميم.
قوله: { لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً / }.
أي إلحاحاً، أي لا يشملون الناس بالسؤال، ومنه اللحاف.
والمعنى: لا يكون منهم سؤال فيكون إلحافاً.
وهو كقول امرئ القيس:
"عَلَى لاَ حِبٍ لاَ يَهْتَدِي لِمَنَارِهِ".
أي ليس فيه منار فيهتدي به.
ويقال: قد ألحف السائل إذا ألح.
ويقال: "أَلْحَفَ الرجل" و "أَلَحَّ" و "أَحْفَى"، بمعنى واحد.