قوله: { لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ [ٱللَّهِ] }.
اللام متعلقة بقوله: { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ } للفقراء الذين من حالهم وقصتهم - { يُوَفَّ إِلَيْكُمْ }. وعني به فقراء المهاجرين بالمدينة. ومعنى: { أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ }: منعوا أنفسهم من التصرف وحبسوها على جهاد عدوهم. قاله قتادة وغيره.
وقال ابن زيد: "كانت الأرض للعدو، فلا يستطيعون تصرفاً فهم محصورون".
وقال السدي: "معناه: حصرهم المشركون بالمدينة".
{ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ }.
أي تقلباً ولا تصرفاً في المعاش والتجارات.
وقال ابن جبير: "نزلت في قوم أصابتهم جراحات في سبيل الله، فصاروا زمنى من أجل عدوهم، أو من أجل حرصهم على الجهاد والغزو.
قوله: { يَحْسَبُهُمُ }. بكسر السين وفتحها لغتان، ونظيره "نَعِمَ" و "يَئِسَ"، يأتي المستقبل بالفتح والكسر.
وحكى أبو إسحاق أن مثله عهد، يقال: يَعْهِدُ وَيَعْهَدُ.
ومعنى: { يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ }.
أي الجاهل بأمرهم وحالهم، أغنياء من تعففهم عن المسألة والتعرض لها.
تعرفهم يا محمد بعلاماتهم وهي السيماء وهي أثر السجود.
وقيل: هي الخشوع والتواضع. قاله مجاهد.
وقيل: هي أثر الفاقة والحاجة. قاله السدي.
وقال ابن زيد: "هي رثاثة ثيابهم، / لأن الجوع خفي".
ومن العرب من يمد السيماء، ومنهم من يقول سيماء بالمد وزيادة ياء بعد الميم.
قوله: { لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً / }.
أي إلحاحاً، أي لا يشملون الناس بالسؤال، ومنه اللحاف.
والمعنى: لا يكون منهم سؤال فيكون إلحافاً.
وهو كقول امرئ القيس:
"عَلَى لاَ حِبٍ لاَ يَهْتَدِي لِمَنَارِهِ".
أي ليس فيه منار فيهتدي به.
ويقال: قد ألحف السائل إذا ألح.
ويقال: "أَلْحَفَ الرجل" و "أَلَحَّ" و "أَحْفَى"، بمعنى واحد.