التفاسير

< >
عرض

وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٱكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
٥٧
-البقرة

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { [وَ]ظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ }.
قيل: الغمام سحاب.
وقال مجاهد: "هو الغمام الذي يأتي الله فيه يوم القيامة وليس بسحاب". وروي ذلك عن ابن عباس، وهو الغمام الذي أتت فيه الملائكة يوم بدر، وذلك أنهم كانوا في التيه، [فشكوا حر] الشمس، فظلّل الله عليهم الغمام وهو أبرد من السحاب وأطيب.
وسمي الغمام غماماً لأنه يَعُمّ ما حل به، أي يستره، وسمي السحاب غماماً، لأنه يغم السماء، أي يسترها.
وقيل / للسحاب سحاب لأنه ينسحب بمسيره.
والمن عن مجاهد: "صمغة".
وقال قتادة: "كان ينزل، عليهم مثل الثلج".
/ وقال الربيع. بن أنس: "المن شراب كان ينزل عليهم مثل العسل فيمزجونه بالماء ثم يشربونه".
وقال ابن زيد: "المن عسل كان ينزل عليهم من السماء". ورواه ابن وهب عنه.
وقال وهب: "المن خبز رقاق الذرة أو مثل النقي".
وقال السدي: "المن الزنجبيل".
وقيل: "هو الترنجبين".
وعن ابن عباس: "المن هو الذي "يسقط من الشجر، فيأكله الناس".
وقال قتادة: "كان يسقط عليهم في مجلسهم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس كسقوط الثلج فيؤخذ منه بقدر ما يكفي ذلك اليوم / فإن تعدى إلى أكثر فسد، إلا يوم الجمعة فإنه يؤخذ ما يكفي فيه للجمعة وللسبت، لأن يوم السبت عندهم يوم عبادة". وقيل: "المن: الترنجبين". وقيل: "المن أصمغة".
وقال النبي [عليه السلام]:
"الكَمْأَةُ مِنَ المَنّ وماؤُها شِفاءٌ لِلْعَيْنِ" . قال أهل المعاني: "معنى: "مِنَ المَنّ" أي مما منَّ الله به على خلقه بلا زرع ولا تكلف سقي".
والسلوى: طائر يشبه السُّمانَى كانت الجنوب تحشره عليهم.
والسلوى والسمانى واحِدُه وجمعه بلفظ واحد. والمن: جمع لا واحد له مثل الخير والشر. / وكان من قصة المن والسلوى أن الله عز وجل أمر موسى إلى بيت المقدس فيسكنها ويجاهد فيها من الجبارين، فأبوا القتال معه وقالوا: اذهب أنت وربك فقاتلا، فغضب موسى صلى الله عليه وسلم لذلك فدعا عليهم وقال:
{ فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ } [المائدة: 25]، فقال الله عز وجل: { قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي ٱلأَرْضِ } [المائدة: 26]. فندم موسى عليه السلام على دعائه عليهم فأوحى الله عز وجل إليه: { فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ } [المائدة: 26] أي لا تحزن. فقالوا: يا موسى، فكيف لنا بالطعام؟ فأنزل الله عز وجل عليهم المن والسلوى. فكان يأتي أحدهم فينظر إلى الطير فإن وجده سميناً ذبحه، وإلا تركه، فإذا سمن أتاه، فقالوا: هذا الطعام، فأين الشراب؟ فأمر الله عز وجل موسى صلى الله عليه وسلم أن يضرب بعصاه الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، لكل سبط عين. فقالوا: فأين الظل؟ فظللهم الله بالغمام فقالوا: فأين اللباس؟ [فجعل الله] ثيابهم تطول معهم كما يطول الصبيان، ولا يتخرق لهم ثوب ولا يتوسخ.
قوله: { مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }.
أي من مشتهيات رزقنا وقيل: من حلاله.