التفاسير

< >
عرض

إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ
٥٤
-الشعراء

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

أي: قال فرعون لمن جمع من الناس: إن موسى ومن معه لشرذمة قليلون. والشرذمة الطائفة، وشرذمة كل شيء بقيته القليلة.
قال أبو عبيدة: كانوا ست مائة ألف وسبعين ألفاً فوصفهم بالقلة.
قال عبد الله بن شداد بن الهاد: اجتمع يعقوب، وولده إلى يوسف وهم اثنان وسبعون وخرجوا مع موسى وهم ست مائة ألف غير من مات، وخرج فرعون على فرس أدهم حصان في عسكره ثمان مائة ألف.
قال الزجاج: كانت مقدمة فرعون: سبع مائة ألف، كل رجل منهم على حصان على رأسه بيضة.
وقال قيس بن عباد: كانت مقدمة فرعون ست مائة ألف، كل رجل منهم على حصان على رأسه بيضة، في يده حربة وهو خلفهم في الدهم، فلما انتهى موسى ببني إسرائيل البحر، قالت بنو إسرائيل: يا موسى أين ما وعدتنا؟ هذا البحر بين أيدينا، وهذا فرعون وجنوده قد دهمنا من خلفنا، فقال موسى للبحر: إنفلق يا أبا خالد، فقال: لا أنفلق يا موسى، أنا أقدم منك خلقاً، فنودي موسى { أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ } فضربه فانفلق البحر، وكانوا اثني عشر سبطاً، فسار لكل سبط طريق، فلما انتهى أول جنود فرعون إلى البحر، هابت الخيل البحر، ومثل الحصان منها وديق فرس، فوجد ريحها فاشتد، واتبعته الخيل فلما تتام آخر جنوده في البحر، وخرج آخر بني إسرائيل، أمر البحر فانطبق عليهم، فقالت بنو إسرائيل: ما مات فرعون وما كان ليموت أبداً، فسمع الله تكذيبهم لنبيه، فرمى به على الساحل كأنه ثور أحمر فرآه بنو إسرائيل.
قال مالك: خرج مع موسى رجلان من التجار إلى البحر، فلما أتيا إليه قالا له: ماذا أمرك ربك به؟ قال: أمرني ربي أن أضرب البحر بعصاي هذه فيجف، فقالا / له: إفعل ما أمرك به ربك فلن يخلفك، قال ثم ابتدرا إلى البحر، فألقيا أنفسهما فيه تصديقاً به.
قال ابن جريج: أوحى الله جلّ ذكره إلى موسى قبل أن يسري بهم أن اجمع بني إسرائيل كل أربعة أبيات في بيت، ثم اذبحوا أولاد الضأن فاضربوا بدمائها على الأبواب فإني سآمر الملائكة ألا تدخل بيتاً على بابه دم، وسآمرهم بقتل أبكار آل فرعون ثم اخبزوا خبزاً فطيراً، فإنه أسرع لكم، ثم أسر بعبادي حتى تنهي البحر، فيأتيك أمري، ففعل فلما أصبحوا، قال فرعون: هذا عمل موسى وقومه، قتلوا أبكارنا، فأرسل في أثرهم ألف ألف وخمس مائة ألف وخمس مائة ملك مصور، مع كل ملك ألف رجل، وخرج فرعون في الكرسي العظيم، وقال: { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ }، وكانوا ست مائة ألف، منهم أبناء عشرين سنة إلى الأربعين.
وقال ابن عباس كان مع فرعون يومئذ ألف جبار كلهم عليه تاج، وكلهم أمير على خيل.
قال ابن جريج: كان ثلاثون ألفاً يعني من الملائكة ساقة، خلف فرعون يحسبون أنهم معهم، وجبريل عليه السلام أمامهم يرد أوائل الخيل على آخرها، فأتبعهم حتى انتهوا إلى البحر.