قوله: { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن بِٱللَّهِ } الآية.
{ خَٰشِعِينَ } نصب على الحال من المضمر في { يُؤْمِنُ } عند البصريين والفراء ومن { مِنْ } عند الكسائي. وقال نصير: هو حال من المضمر في إليكم أو في إليهم، وهذه الآية نزلت في الأربعين رجلاً من أهل نجران منهم: اثنان وثلاثون من بني الحارث من الحبشة، وثمانية من الروم على دين عيسى صلى الله عليه وسلم آمنوا بالنبي عليه السلام، وقيل: نزلت في النجاشي.
وروى ابن المسيب عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اخرجوا فصلوا على أخيكم فقال فصلى بنا فكبر أربع تكبيرات، فقال: هذا النجاشي أصحمة فقال المنافقون انظروا كيف يصلي على علج نصراني لم يره قط، فأنزل الله عز وجل { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ } الآية" .
قال قتادة: "قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم إن أخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه قالوا نصلي على رجل ليس بمسلم قال فنزلت { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ } قال: وقالوا فإنه كان يصلي إلى القبلة، فأنزل الله { وَللَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ } الآية" .
وأصحمة بالعربية: عطية.
وقيل عنى بالآية عبد الله بن سلام ومن آمن معه قاله ابن جريج.
قال مجاهد وغيره: عنى بذلك من آمن من أهل الكتاب اليهود والنصارى، وهو مثل القول الأول، والآية تدل على هذا لأنها عامة اللفظ في أهل الكتاب.
قوله: { لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً } الآية.
أي: لا يحرفون أمر محمد صلى الله عليه وسلم فيقبلون على تحريفه وإنكاره - الرشا فهم يؤمنون بالله، وما أنزل إليكم وهو القرآن، وما أنزل إليهم وهو التوراة والإنجيل { خَٰشِعِينَ للَّهِ } أي: متذللين خائفين، و { لاَ يَشْتَرُونَ }: في موضع الحال أيضاً لأن غير مشترين بآيات الله ثمناً قليلاً { أُوْلٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ } أي عوض أعمالهم { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } أي: لا يخفى عليه شيء من أعمالهم فهو يحتاج إلى حساب ذلك وإحصائه لئلا يبقى منه شيء.