التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَٰشِعِينَ للَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلـٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ
١٩٩
-آل عمران

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن بِٱللَّهِ } الآية.
{ خَٰشِعِينَ } نصب على الحال من المضمر في { يُؤْمِنُ } عند البصريين والفراء ومن { مِنْ } عند الكسائي. وقال نصير: هو حال من المضمر في إليكم أو في إليهم، وهذه الآية نزلت في الأربعين رجلاً من أهل نجران منهم: اثنان وثلاثون من بني الحارث من الحبشة، وثمانية من الروم على دين عيسى صلى الله عليه وسلم آمنوا بالنبي عليه السلام، وقيل: نزلت في النجاشي.
وروى ابن المسيب عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه
" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اخرجوا فصلوا على أخيكم فقال فصلى بنا فكبر أربع تكبيرات، فقال: هذا النجاشي أصحمة فقال المنافقون انظروا كيف يصلي على علج نصراني لم يره قط، فأنزل الله عز وجل { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ } الآية" .
قال قتادة: "قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم إن أخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه قالوا نصلي على رجل ليس بمسلم قال فنزلت { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ } قال: وقالوا فإنه كان يصلي إلى القبلة، فأنزل الله { وَللَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ } الآية" .
وأصحمة بالعربية: عطية.
وقيل عنى بالآية عبد الله بن سلام ومن آمن معه قاله ابن جريج.
قال مجاهد وغيره: عنى بذلك من آمن من أهل الكتاب اليهود والنصارى، وهو مثل القول الأول، والآية تدل على هذا لأنها عامة اللفظ في أهل الكتاب.
قوله: { لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً } الآية.
أي: لا يحرفون أمر محمد صلى الله عليه وسلم فيقبلون على تحريفه وإنكاره - الرشا فهم يؤمنون بالله، وما أنزل إليكم وهو القرآن، وما أنزل إليهم وهو التوراة والإنجيل { خَٰشِعِينَ للَّهِ } أي: متذللين خائفين، و { لاَ يَشْتَرُونَ }: في موضع الحال أيضاً لأن غير مشترين بآيات الله ثمناً قليلاً { أُوْلٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ } أي عوض أعمالهم { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } أي: لا يخفى عليه شيء من أعمالهم فهو يحتاج إلى حساب ذلك وإحصائه لئلا يبقى منه شيء.