التفاسير

< >
عرض

وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً
١٣١
وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً
١٣٢
-النساء

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا } الآية.
كرر تعالى ذكره، ذكر كون ما في السماوات وما في الأرض أنه له، في ثلاثة مواضع متوالية، وفي كل آية معنى من أجله وقع التكرير:
1- أما الأول فإن الله جل ذكره نبه الخلق على ملكه بعقب قوله { وَكَانَ ٱللَّهُ وَاسِعاً }، فأخبر أن من سعته أن له ما في السماوات والأرض، وفي هذا تقوية لقول أبي عمرو أن الواسع الغني، ثم رجع تعالى بعد إعلامه إيانا، وتنبيهه على ملكه إلى إعلامه إيانا أنه قد وصى من كان قبلنا بتقواه كما وصانا بالتقوى في الأزواج وغيرها، والذين من قبلنا من أهل الكتاب وصاهم بذلك في التوراة والإنجيل، وصانا نحن في القرآن بالتقوى أيضاً، فقال: { أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ }.
2- ثم قال: { وَإِن تَكْفُرُواْ } كما كفر أهل الكتاب { فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ [وَمَا فِي ٱلأَرْضِ] } إنه لا يضره كفرهم إذ له كل شيء، كما لم يضره ما فعل أهل الكتاب في مخالفتهم أمره، { وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً } أي غني عن خلقه، فأخبرنا في هذه الآية بغناه عنا، وحاجتنا إليه.
3- [ثم] أعلمنا في الآية الثالثة بحفظه لنا، وعلمه بنا فقال { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } أي كفى به حفيظاً.
فهذا فائدة التكرير أنه تعالى نبهنا على ملكه، وسعته بعد قوله { وَكَانَ ٱللَّهُ وَاسِعاً }. فأعلمنا أنه من سعة ملكه أن له ما في السماوات وما في الأرض.
وأعلمنا في الثانية بحاجتنا إليه، وغناه عنا.
وفي الثالثة أعلمنا بحفظه لنا وعلمه بتدبيرنا.
وتقدم قوله: { غَنِيّاً حَمِيداً } على { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } لأنه خاطبهم أولاً فأخبرهم أنه لا يحتاج إليهم، إن كفروا، وأنهم مضطرون إليه، إذ له ما في السماوات وما في الأرض.