تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه
قوله: {قَالَ ٱللَّهُ هَـٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ ٱلصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} آية.
حكي عن المبرد أنه منع قراءة من نصب (يوماً)، قال: لأنه (خبر الابتداء) والنصب جائز عند غيره، لأن المعنى: قال الله هذا لعيسى في {يَوْمُ يَنفَعُ ٱلصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} /، فـ (يوم) ظرف للقول، وهو الناصب له.
وقيل: المعنى: هذا الأمر وهذا الشأن في {يَوْمُ يَنفَعُ ٱلصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} أي: في يوم القيامة، فيكون العامل في (يوم) المضمر، وهو "الأمر" و "الشأن".
وقيل: هذا كله مقول يوم القيامة، لقوله: { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ } [المائدة: 109] ولقوله: {قَالَ ٱللَّهُ هَـٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ ٱلصَّادِقِينَ}.
وقال بعض أهل النظر: لم يقصد عيسى إلى (أن الله) يغفر لمن مات مشركاً، وإنما مقصده: وإن تغفر لهم الحكاية عني (التي) كذبوا علي فيها، والحكاية كذب، ليست بكفر، والكذب جائز أن يغفره {ٱللَّهُ}.
وهو - عند الكوفيين - بناء: لأنه مضاف إلى غير متمكّن، وهذا لا يجوز عند البصريين، لأن الفعل معرب، وإنما يبنى إذا أضيف إلى غير معرب كالماضي و "إذ" وشبه ذلك، والإضافة عند البصريين في هذا إنما هي (إلى المصدر).
وقال أبو اسحاق: حقيقته الحكاية.
ومعنى {يَوْمُ يَنفَعُ ٱلصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}: الذي كان في الدنيا ينفعهم في القيامة، لأن الآخرة ليست بدار عمل، ولا ينفع أحداً (فيها) ما قال وإنْ أحسن، ولو صدق الكافر (وأقر) بما عمل، وقال: "كفرت" (أو أسأت)، ما نفعه. وإنما الصادق ينفعه صدقه الذي كان منه في الدنيا، (لا) في الآخرة.
قوله: {لَهُمْ جَنَّاتٌ} أي: لهم في الآخرة - بصدقهم في الدنيا - جنات مخلدين فيها.
{رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} إذ وفّى لهم بوعده.