التفاسير

< >
عرض

مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ
١١
يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
١٢
-الحديد

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قال: { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } إلى قوله: { هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } الآيات.
أي من ذا الذي ينفق في سبيل الله محتسباً في نفقته، فيضاعف له ربه (بالحسنة عشرة أمثالها) إلى سبع مائة ضعف.
{ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } (وهو الجنة).
"ومن" مبتدأ و "ذا" خبره، "والذي" نعت لـ "ذا".
وقيل "من" مبتدأ و "ذا" زائدة مع "الذي"، و "الذي" خبر الابتداء.
وأجاز الفراء أن تكون "ذا" زائدة مع "من" كما جاءت زائدة مع "ما"، ولا يجوز هذا عند البصريين لأن "ما" مبهمة، فجاز ذلك فيها، وليست من كذلك.
ثم قال: { يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ [وَٱلْمُؤْمِنَاتِ] يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم }.
أي لهم أجر كريم في يوم ترى المؤمنين، فالعامل في "يوم" معنى الملك في "لهم".
وقيل العامل فيه { وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ } { يَوْمَ تَرَى } فوعد هو العامل فيه.
ومعنى الآية: يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يضيء نورهم بين أيديهم وبأيمانهم. قال قتادة: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:
"من المؤمنين ما يضيء نوره [من المدينة إلى عدن وصنعاء فدون ذلك حتى إن من المؤمنين من لا يضيء نوره] إلا من موضع قدميه" .
قال ابن مسعود يعطى المؤمنون نوراً على قدر أعمالهم، فمنهم من يعطى [نوراً كالنخلة السحوق ومنهم من يعطى نوراً كالرجل القائم وأدناهم من يعطى نوراً] على ابهامه يضيء مرة ويُطفى مرة.
وقال الضحاك معنى "وبإيمانهم" أي: وبأيمانهم كتبهم.
وقيل النور هنا: الكتاب لأنهم يعطون كتبهم من بين أيديهم بأيمانهم فلهذا وقع الخصوص.
وقيل المعنى يسعى ثواب إيمانهم وعملهم [الصالح] بين أيديهم وفي أيمانهم كتب أعمالهم نظائر، هذا اختيار الطبري، وهو قول الضحاك المتقدم.
والباء في "وبأيمانهم" بمعنى "في" على هذا التأويل، وعلى القول الأول بمعنى "عن".
ثم قال: { بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ }.
أي يقال لهم بشراكم اليوم جنات، أي: الذي تبشرون به اليوم هو جنات، فأبشروا بها وأجاز الفراء "جنات" بالنصب على القطع، ويكون "اليوم" خبر الابتداء.
وأجاز رفع "اليوم" على أنه خبر "بشراكم" /، وأجاز أن يكون "بشراكم" في موضع نصب بمعنى يبشرهم ربهم بالبشرى، وأن ينصب جنات بالبشرى، وفي هذه التأويلات بعد وتعسف وغلط ظاهر.
قوله: { خَالِدِينَ فِيهَا } أي: ماكثين فيها لا يتحولون عنها.
{ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } أي: خلودهم في الجنة التي وصفت هو النجاح العظيم.