التفاسير

< >
عرض

وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
١١٥
-الأنعام

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ } (الآية).
حجة من قرأ (كلمات) - بالجمع - أنها في المصحف بالتاء، ولإجماع الجميع على قوله: { لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ }.
ومن قرأ بالتوحيد، احتج بإجماع الجميع على التوحيد في قوله:
{ { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ } [هود: 119]، { { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ } [الأعراف: 137]. وإنما كتبت بالتاء عند من وحّد، لأنها كتبت على اللفظ، بمنزلة { { وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ } [المجادلة: 8، 9] و { { فِطْرَتَ ٱللَّهِ } [الروم: 30] وشبهه.
والمعنى: أن الله سمى القرآن (كلمة)، كما تقول العرب للقصيدة: "هذه كلمة فلان"، والموصوف هنا بالتمام هو القرآن، لا مبدل له، أي: لا مغير لما أخبر في كتابه أنه كائن، وهذا مثل قوله:
{ { يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ ٱللَّهِ } [الفتح: 15] والذي أرادوا أن يبدلوا هو قوله: { { لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ } [الفتح: 15]، فتقدم في علم الله أنهم لا يتبعون النبي، فأرادوا أن يبدلوا ذلك فقالوا للنبي: { { ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ } [الفتح: 15]، وقد تقدم من الله أنهم لا يتبعونهم فأرادوا أن يغيِّروا ما تقدَّم في علم الله وقد كان أخبره الله في كتابه بقوله: { { فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ (فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن) } [التوبة: 83] إلى { { ٱلْخَالِفِينَ } [التوبة: 83]، فكلام الله هنا: ما أخبر أنهم لن يتبعوا، فأرادوا أن يبدلوا خبر الله ويتبعوه، وكذلك قوله: { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ } أي: أنَّه لا بُدَّ واقع كل ما أخبر به، لا يحيلهُ أحد ولا يغيره.
{ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ } أي: السميع لما يقول العادلون الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم لئِّن جاءتهم آية ليؤمنن بها، وغير ذلك مما يَقولُ خَلْقهُ، { ٱلْعَلِيمُ } بما يؤول إليه أمرهم من صدق وإيمان أو كفر.