التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُواْ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
١٥٢
-الأنعام

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } الآية.
والمعنى: وأوصى ألا تقربوا مال اليتيم، { إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }: يعني التجارة فيه. وقال السَدِّي: يُثَمَّرُ ماله.
وقال الضَحَّاك: يبتغي له فيه الربح ولا يأخذ من ربحه شيئاً. وقال ابن زيد: أن يأكل بالمعروف إن افتقر، ولا يأكل منه إن استغنى.
{ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ }: الحُلُم عند مالك وغيره. قال السَدَّي: { أَشُدَّهُ }: ثلاثون سنة. وروي عنه: ثلاث وثلاثون. وقيل: بلوغ الأشد: أن يؤنس مع بلوغ الحلم. وهذا قول حسن، وبه يقول أهل المدينة.
ومعنى: { حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } أي: فإذا بلغ فادفعوا إليه ماله إن آنستم منه قوله رشداً، هذا المعنى محذوف من الكلام للدلالة عليه، إذ / لو تركنا والظاهر، ولم نقدر حذفاً، لكان المعنى: أن يقرب ماله إذا بلغ أَشُدَّه، لأنَّ النهي إنَّما وقع على المدة التي هي قبل الأشدِ. قوله: { وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ } أي: لا تبخسوا الناس الكيل والميزان، ولكن اعطوهم حقوقهم، (بالقسط) أي: بالعدل، { لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا }: أي: لا نكلفها في إيفَاءِ الكيل والوزن إلا طاقتها، لا نُضِيّقُ عليها إلا أن تعطي الحق مبلغ طاقتها، قوله: { وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ } أي: إذا تكلمتم بين النَّاس فأَنْصِفُوا وقولوا الحَقَّ، ولو كان الذي يتوجه عليه الحَقَّ ذا قرابة منكم، فلا تحملنكم قرابته على القول بغير الحقِّ.
وقيل المعنى: إذا شَهِدتُم فقولوا الحقَّ ولو كان المشهود عليه ذا قرابة منكم. { وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُواْ } أي: بوصيته التي وصاكم بها أوفوا، { ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ (بِهِ) } أي: وصاكم الله بهذه الأمور التي في هاتين الآيتين، وأمركم بالعمل بها لا بما قد سننتم من البحائر والسوائب والوصائل والحامي وقتل الأولاد ووَأْدِ البنات وتحريم بعض الأنعام واتباع خطوات الشيطان، { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أي: أمركم بذلك لعلكم تذكرون نعمته عليكم وما قد هداكم إليه.
وكان ابن عباس يقول: هذه الآيات من الآيات المحكمات. وقال كعب: - وقد سمع رجلاً يقرأ
{ { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } [الأنعام: 151] -: والذي نفس كعب بيده إنّ هذا لأول شيء في التوراة: بسم الله الرحمن الرحيم: { { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ } [الأنعام: 151] إلى آخر الآية.