التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ
٩٤
-الأنعام

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَى } الآية.
قرأ أبو حَيْوَةَ { فُرَٰدَى } بالتنوين، وهي لغة تميم، ويقولون في الرفع "فُرادٌ" وحكى أحمد بن يحيى "فُرادُ" بغير تنوين مثل "رُباع".
قال القتبي: { فُرَٰدَى } جمع فَرْدٍ، كأنه جمع على "فَرْدان"، ثم جمع على "فرادى"، ككَسْلان وكُسالى.
وقال الطبري: واحد { فُرَٰدَى }: "فَرَدٌ"، بالفتح.
ومن قرأ (بَيْنَكم) بالنصب، فمعناه: لقد تقطع (الأمر بينكم) والسبب بينكم، ونصبه على الظرف.
ومن رفع، جعله غيرَ ظرف، بمعنى الوَصْل، تقديره: لقد تقطع وصلُكم.
ومعنى الآية: أنها خبر من الله عما هو قائل يوم القيامة لهؤلاء المشركين، يقول لهم: { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَى } أي: وُحداناً لا مال معكم، ولا أثاث، ولا شيء مما كان الله خَوَّلَكُم في الدنيا. ومعنى { كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ }: قيل: منفردين لا شيء لكم، وقيل: عراة.
وروي
"أن عائشة رضي الله عنها قرأت هذه الآية فقالت: يا رسول الله، واسوأتاه إن الرجال (والنساء يحشرون جميعاً ينظر بعضهم إلى سوأة بعض؟، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }، لا ينظر الرجال) إلى النساء، ولا النساء إلى الرجال، شُغِل بعض عن بعض" .
ومعنى { وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } أي: في الدنيا، { مَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ } أي: ليس نرى معكم مَن كنتم تزعمون أنهم (لكم شفعاء) عند ربكم يوم القيامة.
وكان المشركون يزعمون أنهم يعبدون الآلهة، لأنها تشفع لهم عند الله، و [إنها] شركاء له.
قال عكرمة: قال النضر بن [الحارث]: "سوف تشفع لي اللات والعزى"، فنزلت هذه الآية.