التفاسير

< >
عرض

قُلْ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ
٢٣
قُلْ هُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
٢٤
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٢٥
قُلْ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِنْدَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٢٦
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ
٢٧
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
٢٨
قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٢٩
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ
٣٠
-الملك

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

- قوله تعالى: { (قُلْ) هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُمْ... } إلى آخر السورة.
أي: قل يا محمد للمكذبين بالبعث: الله الذي ابتدأ خلقكم قبل أن لم تكونوا شيئاً.
- { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ... }.
لتسمعوا وتبصروا وتعقلوا، فكيف تتعذر عليه إعادتكم..
{ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }.
أي: قليلاً شكركم لربكم على هذه النعم التي خولكم.
قال تعالى: { هُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ... }.
أي: خلقكم فيها.
{ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }.
أي: تجمعون يوم القيامة من قبوركم لموقف الحساب.
- ثم قال تعالى: { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }.
أي: ويقول المشركون المنكرون للبعث: متى يكون هذا البعث الذي تعدوننا به إن كنتم صادقين في قولكم أيها المؤمنون؟!
{ قُلْ } يا محمد: { إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِنْدَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }.
أي: قل لهم يا محمد إنما علم وقت البعث عند الله، وإنما أنا نذير إليكم، أي: منذر مبين ما أرسلت به إليكم.
- ثم قال: { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ... }.
أي: فلما رأى المشركون عذاب الله قريباً وعاينوه، ساء الله وجوه الذين كفروا.
قال الحسن: { رَأَوْهُ زُلْفَةً }، أي: عاينوه.
قال مجاهد: زلفة: "قد اقترب".
وقال ابن زيد: زلفة: حاضراً، أي: قد حضرهم العذاب.
وقال ابن عباس: { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً }، أي: فلما رأوا عملهم السيء.
وقيل: فلما رأوا الحشر. ودل عليه: "يحشرون".
وقيل: الهاء تعود على الوعد لتقدم ذكره.
- ثم قال تعالى: { وَقِيلَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ }.
أي: وقال الله لهم عند معاينتهم العذاب: هذا الذي كنتم به تدعون ربكم أن يعجله لكم.
وقال الحسن: تدّعون أن لا جنة ولا ناراً.
وأصل { تَدَّعُونَ } [تَدْتَعِيون] - على "تَفْتَعِلون" - من الدعاء، ثم أعلي ثم أُدْغِمَ.
وقال أبو حاتم: { تَدَّعُونَ }: تكذبون.
وقيل: { تَدَّعُونَ }: يدعو بعضكم بعضاً إلى التكذيب.
وقرأ قتادة والضحاك: "تدعون" مخففا، وهما بمعنى، كما يقال: قدر واقتدر، وعدا واعتدى، إلا أن في "افتعل": معنى التكرير، و "فعل" يقع للتكرير ولغير التكرير.
- ثم قال تعالى: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }.
أي: قل يا محمد للمشركين من قومك: أرأيتم أيها القوم إن أهلكني الله فأماتني ومن معي، أو رحمنا فأخر في آجالنا، فمن يجيركم من عذاب مؤلم (أي: موجع) وهو (عذاب) النار؟! أي: ليس ينجيكم من عذاب الله موتنا ولا حياتنا، فلا حاجة بكم (إلى) أن تستعجلوا قيام الساعة ونزول العذاب، فإن ذلك غير نافعكم بل هو (بلاء) عليكم.
- ثم قال تعالى: { قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ آمَنَّا بِهِ (وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا) }.
أي: قل لهم يا محمد: ربنا الرحمن، صدقنا به وعليه توكلنا، أي: اعتمدنا في جميع [أمورنا].
{ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }.
أي: فستعلمون أيها المشركون من هو في ذهاب عن الحق، نحن أم أنتم.
- ثم قال تعالى: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً... }.
أي: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: أرأيتم أيها القوم العادلون عن الحق إن أصبح [ماؤكم غائراً] لا تناله الدلاء، فمن ذا الذي يأتيكم بماء معين غير الله؟! أي: بماء تراه العيون ظاهراً.
وقال ابن عباس: بماء معين: "بماء عذب".
وقال ابن جبير: بماء ظاهر.
وقال قتادة: المعين: الجاري، وغوراً: ذاهباً، وكذلك قال الضحاك.
وقال بعض النحويين: يجوز أن يكون "معين" فعيلا من معن الماء إذا كثر، ويجوز أن يكون بمعنى مفعول. والأصل فيه معيون، مثل مبيع. فيكون معناه على هذا: بماء يُرى بالأعين.