- قوله تعالى: { (قُلْ) هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُمْ... } إلى آخر السورة.
أي: قل يا محمد للمكذبين بالبعث: الله الذي ابتدأ خلقكم قبل أن لم تكونوا شيئاً.
- { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ... }.
لتسمعوا وتبصروا وتعقلوا، فكيف تتعذر عليه إعادتكم..
{ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }.
أي: قليلاً شكركم لربكم على هذه النعم التي خولكم.
قال تعالى: { هُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ... }.
أي: خلقكم فيها.
{ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }.
أي: تجمعون يوم القيامة من قبوركم لموقف الحساب.
- ثم قال تعالى: { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }.
أي: ويقول المشركون المنكرون للبعث: متى يكون هذا البعث الذي تعدوننا به إن كنتم صادقين في قولكم أيها المؤمنون؟!
{ قُلْ } يا محمد: { إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِنْدَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }.
أي: قل لهم يا محمد إنما علم وقت البعث عند الله، وإنما أنا نذير إليكم، أي: منذر مبين ما أرسلت به إليكم.
- ثم قال: { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ... }.
أي: فلما رأى المشركون عذاب الله قريباً وعاينوه، ساء الله وجوه الذين كفروا.
قال الحسن: { رَأَوْهُ زُلْفَةً }، أي: عاينوه.
قال مجاهد: زلفة: "قد اقترب".
وقال ابن زيد: زلفة: حاضراً، أي: قد حضرهم العذاب.
وقال ابن عباس: { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً }، أي: فلما رأوا عملهم السيء.
وقيل: فلما رأوا الحشر. ودل عليه: "يحشرون".
وقيل: الهاء تعود على الوعد لتقدم ذكره.
- ثم قال تعالى: { وَقِيلَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ }.
أي: وقال الله لهم عند معاينتهم العذاب: هذا الذي كنتم به تدعون ربكم أن يعجله لكم.
وقال الحسن: تدّعون أن لا جنة ولا ناراً.
وأصل { تَدَّعُونَ } [تَدْتَعِيون] - على "تَفْتَعِلون" - من الدعاء، ثم أعلي ثم أُدْغِمَ.
وقال أبو حاتم: { تَدَّعُونَ }: تكذبون.
وقيل: { تَدَّعُونَ }: يدعو بعضكم بعضاً إلى التكذيب.
وقرأ قتادة والضحاك: "تدعون" مخففا، وهما بمعنى، كما يقال: قدر واقتدر، وعدا واعتدى، إلا أن في "افتعل": معنى التكرير، و "فعل" يقع للتكرير ولغير التكرير.
- ثم قال تعالى: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }.
أي: قل يا محمد للمشركين من قومك: أرأيتم أيها القوم إن أهلكني الله فأماتني ومن معي، أو رحمنا فأخر في آجالنا، فمن يجيركم من عذاب مؤلم (أي: موجع) وهو (عذاب) النار؟! أي: ليس ينجيكم من عذاب الله موتنا ولا حياتنا، فلا حاجة بكم (إلى) أن تستعجلوا قيام الساعة ونزول العذاب، فإن ذلك غير نافعكم بل هو (بلاء) عليكم.
- ثم قال تعالى: { قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ آمَنَّا بِهِ (وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا) }.
أي: قل لهم يا محمد: ربنا الرحمن، صدقنا به وعليه توكلنا، أي: اعتمدنا في جميع [أمورنا].
{ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }.
أي: فستعلمون أيها المشركون من هو في ذهاب عن الحق، نحن أم أنتم.
- ثم قال تعالى: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً... }.
أي: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: أرأيتم أيها القوم العادلون عن الحق إن أصبح [ماؤكم غائراً] لا تناله الدلاء، فمن ذا الذي يأتيكم بماء معين غير الله؟! أي: بماء تراه العيون ظاهراً.
وقال ابن عباس: بماء معين: "بماء عذب".
وقال ابن جبير: بماء ظاهر.
وقال قتادة: المعين: الجاري، وغوراً: ذاهباً، وكذلك قال الضحاك.
وقال بعض النحويين: يجوز أن يكون "معين" فعيلا من معن الماء إذا كثر، ويجوز أن يكون بمعنى مفعول. والأصل فيه معيون، مثل مبيع. فيكون معناه على هذا: بماء يُرى بالأعين.