التفاسير

< >
عرض

تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَٰفِرِينَ
١٠١
وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ
١٠٢
-الأعراف

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا }، إلى قوله: { لَفَاسِقِينَ }.
والمعنى: تلك القرى، يا محمد، نقص عليك من أخبارها، وهو ما تقدم ذكره: من قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وقوم شعيب، لتعلم أنا ننصر رسلنا.
ثم قال (الله) تعالى: { وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ }.
أي: ولقد جاءت أهل القرى رسلهم، بالحجج [البينات].
وقوله: { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ }.
أي: فما كان هؤلاء المشركون الذين أهلكناهم ليؤمنوا عند إرسالنا إليهم، { بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ }، أي: بما كذبوا يوم أخذ عليهم الميثاق حين أخرجهم من ظهر آدم، (عليه السلام).
قال مجاهد: المعنى: ليس يؤمنوا، { بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ }، أي: من قبل هلاكهم، أي: لو رُدُّوا إلى الدُّنيا بعد هلاكهم لم يؤمنوا بما كذبوا من قبل هلاكهم، مثل:
{ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } [الأنعام: 28].
وقال الربيع بن أنس: كان في علمه (عز وجل) يوم أقروا بالميثاق أنهم لا يؤمنون.
وقال السدي: ذلك يوم أخذ منهم الميثاق فآمنوا كرهاً، فلم يكونوا ليؤمنوا الآن حقيقة.
وقوله: { كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَٰفِرِينَ }.
أي: كما طبعنا على قلوب هؤلاء الذين أهلكوا ولم يؤمنوا، كذلك نطبع على قلوب المعتدين من أمتك يا محمد، أي: نختم عليها فلا يؤمنوا لما تقدم في عمله منهم. وهذا إخبار [من] الله (تعالى) لنبيه (عليه السلام) عن قوم من أمته [أنهم] لا يؤمنون أبداً، كما قال لنوح (عليه السلام):
{ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ } [هود: 36]، وكما قال لمحمد صلى الله عليه وسلم،: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [البقرة: 6].
ثم قال تعالى: { وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ }.
أي: ما وجدنا لهؤلاء المهلكين "عهداً"، أي: وفاء بما وصيناهم به، وما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين.
مذهب الفراء: أنَّ { إِنْ } بمعنى: "ما"، و "اللام" بمعنى إلا.
ومذهب سيبويه أنها "إنْ" المخففة [من الثقيلة)، ودخلت "اللام" لئلا تشتبه "إِنْ" التي بمعنى: ما.
وقال بعض البصريين: دخلت "إنْ" و "اللام" على معنى التأكيد واليمين. وتدخل "إِنْ" هذه على الأفعال أيضاً، [تقول]: إِنْ ظَنَنْتُ زيداً لقائماً.
ومعنى { لَفَاسِقِينَ }،: خارجين عن طاعة الله.
وقيل: العهد الذي لم يَفُوْا به، هو ما أخذ عليهم إِذْ أُخرجوا من ظهر آدم.