التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ
١٠٩
يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ
١١٠
قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ
١١١
يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ
١١٢
-الأعراف

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ (عَلِيمٌ) } الآيات الأربع.
من قرأ { أَرْجِهْ }، بغير همز، احتمل ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون على البدل للهمز، ثم حذف الياء؛ لأنه أَمْرٌ، كما أجازوا "اقرَ" يا هذا، بغير ألف ولا همز.
والوجه الثاني: أن [يكون] على لغة من قال: "أَرْجَيْتُ"، وهي لغة: أسد، وتميم وعامة قيس.
والوجه الثالث: قاله المبرد، قال: هو من: رجا يرجو، أي: اتركه يرجو وأَطْمِعْهُ.
وقد أنكر جماعة النحويين: الإسكان في الهاء. وقد ثبت ذلك عن الأئمة من القراء.
ووجه ذلك: أن "الهاء" هي الاسم، و "الياء" والواو إنما هي صلة "للهاء" وليسا من الاسم؛ وإنما زيدت عند الخليل؛ لأن [الهاء] خفية، فقويت بحرف جلد تباعد منها وهو "الواو" ثم أبدل منها ياء، إذا انكسر ما قبلها، أو كان ياء. وبعض العرب يحذف "الواو"، لا يأتي بها فمن أسكن هذه "الهاء" أسكنها على أصلها، وردها إليه.
وفيها علة أخرى، وذلك أن هذه "الهاء" صارت في موضع اللام. وكان من حق اللام لو كان من حروف السلامة أن يسكن. والهاء من حروف السلامة فسكنت، إذ حلت محل اللام، فصارت بمنزلة ميم "أكرم".
وفيها علة أخرى، وهي أن "الواو" جائز حذفها بعد "الهاء" فصارت بمنزلة الواو في "عليهمو"، [في جواز حذفها، فلما كانت "الميم" من عليهم] تسكن إذا حذفت الواو ويحسن سكونها، كان (مثل) ذلك في الهاء، إلا أن الميم أحسن من الهاء في السكون لخفاء الهاء.
وفيها علة رابعة، وذلك أنهم قد شبهوا هاء السكت بهاء الإضمار، فأثبتوها في الوقف. وبعضهم وصلها بياء كهاء الإضمار، فلما شبهت بها، جاز تشبيه هاء الإضمار بهاء السكت في السكون؛ لأن من حق هاء السكت السكون فشبهت بها، فجاز إسكانها.
ومعنى الآية: قال أشراف قوم فرعون من القبط: { إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ }، أي عليم بالسحر، { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ }، أي: أرض مصر، { فَمَاذَا تَأْمُرُونَ }، أي: أي شيء تأمرون أن يفعل في أمره.
وقوله: { فَمَاذَا تَأْمُرُونَ }، من كلام فرعون لا من كلام الملأ. فأشار عليه الملأ أن: { أَرْجِهْ وَأَخَاهُ }، أي: أحسبه وأخاه. و "الإرجاء": التأخير. { وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ }.
أي: مدائن مصر، من يجمع لك السحرة العلماء.