قوله: {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ ٱسْكُنُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ}، إلى قوله: {يَظْلِمُونَ}.
قال الفراء، والكسائي: "خَطَايَا" جمع خَطِيَّة، على ترك الهمز، كـ: "مَطِيَّة"، و "وَصِيَّة".
وقال المازني: هي "فَعائِل"، أصلها همزتان فأبدل من الثانية ياء، فأشبهت مضيف "الخطايا" إلى نفسه، فأبدل من الكسرة فتحة، ومن الياء ألفا فصارت: "خطاءا"، والهمزة أخت الألف، فكأنه اجتمع ثلاث ألفات، فأبدل من الهمزة ياء، فصارت: "خطايا".
ولسيبويه والخليل قول مشهور قد ذكر في غير هذا الموضع.
والأصل عند الفراء في "مَطِيَّة" و "وَصِيَّة" أن يجمع على: "فَعَائِل"، إلا أنه لو جمع على ذلك للزم حذف الياء، فيصير كـ: "غَوَاشٍ" فتختل، فنُقل جَمعُهُ إلى "فَعَال"، فردت اللام قبل الياء الزائدة وفتح، كـ: "أسير" و "أسارى"، ثم أجرى هذه العلة في "خطية".
ومعنى الآية: إن الله، جلّ ذكره، يقول لنبيه، (عليه السلام): واذكر، يا محمد، خطأ فعل هؤلاء وخلافَهُم لأمر ربهم، حين قال لهم [الله]: {ٱسْكُنُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ}، وهي قرية بيت المقدس، {وَكُلُواْ مِنْهَا}، أي: من ثمارها وحبوبها ونباتها، {حَيْثُ شِئْتُمْ}، أي: أين شئتم منها.
وقوله: {حِطَّةٌ}.
أي: حط عنا ذنوبنا، {نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيۤئَاتِكُمْ}، أي: يستر ذنوبكم، {سَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ}، أي: نزيدهم على ما وعدتهم من الغفران.
(قوله): {فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ}.
أي: غَيَّروا ما أُمروا أن يقولوا. قيل لهم: قولوا: {حِطَّةٌ}، قالوا: "حنطة في شعير"، {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ}، أي عذاباً، فأهلكناهم بفعلهم وتغييرهم وفسقهم.
وقيل: هو طاعون أخذهم، فهلك خَلقٌ مِنْهُمْ. وقد ذكر في البقرة.